للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المستقبل إذا تغير الاجتهاد، ودليل ذلك قول عمر رضوان الله عليه: (تلك على ما قضينا وهذه على ما نقضي) .

ما المراد بالاجتهاد المقصود هنا؟

ليس المراد بالاجتهاد هنا ذلك الاجتهاد الاصطلاحي الذي مر تعريفه في القاعدة السابقة، وإنما يراد به معنى أعم وأشمل وذلك ثلاثة أنواع:

النوع الأول: اجتهاد المجتهد في المسائل الظنية التي لم يرد فيها دليل قاطع.

النوع الثاني: الحادثة التي وقع فيها الحكم من القاضي.

النوع الثالث: مسائل التحري.

أما النوع الأول: فإن المجتهد إذا حكم في المسائل الظنية التي لم يرد فيها نص قاطع ولم يصادم في حكمه الكتاب ولا السنة ولا الإجماع نفذ حكمه ولا يجوز نقضه لا من قِبله إذا تغير اجتهاده، ولا من مجتهد آخر يرى خلافه، لأنه لو نقض به لنقض أيضاً، ولكن إذا تبدل اجتهاد الحاكم في غير تلك المسألة أو الحادثة فله أن يحكم فيها بحسب اجتهاده الثاني ولا ينقض الأول؛ حتى لا يتسلسل الأمر ولتستقر الأحكام.

قال في المستصفى: المجتهد إذا أداه اجتهاده إلى أن الخلع فسخ لا طلاق، فنكح امرأة خالعها ثلاثاً ثم تغير اجتهاده (أي رأى أن الخلع طلاق) لزمه تسريحها ولم يجز له إمساكها على خلاف اجتهاده، ولكن لو حكم بصحة النكاح حاكم بعد أن خالع الزوج، ثم تغير اجتهاده لم يفرق بين الزوجين ولم ينقض اجتهاده السابق بصحة النكاح لمصلحة الحكم) .

<<  <   >  >>