الأول: أن يكون الوجوب مطلقاً أي غير معلق على حصول ما يتوقف عليه، فإن كان معلقاً على حصول ما يتوقف عليه فهو غير ملزم، كما لو قال السيد لعبده: إن صعدت السطح ونصبت السلم فاسقني ماء، فإنه لا يكون مكلفاً بالصعود ولا بنصب السلم بلا خلاف، بل إن حصل ذلك صار مكلفاً بالسقي وإلا فلا، فالمراد بالواجب المطلق ما لا يكون وجوبه مقيداً بما يتوقف عليه وجوده، وإن كان مقيداً بما يتوقف عليه وجوبه، كقوله تعالى:(أَقِم الصلاةَ لدُلوكِ الشمسِ إلى غسقِ الليلِ) . الإسراء، آية (٧٨) فإن وجوب الصلاة مقيد بوجود الدلوك، وواجب مطلق بالنسبة للطهارة والتوجه للقبلة.
الشرط الثاني: أن يكون ما يتوقف عليه الواجب مقدوراً للمكلف، بأن يكون في وسع المكلف الإتيان به، كالوضوء للصلاة والسير إلى مكة للحج، فإن لم يكن مقدوراً للمكلف فلا يجب عليه تحصيله، ولا يكون واجباً بوجوب الواجب المطلق. كحضور العدد في الجمعة بالموضع الذي تقام فيه، فإنه غير مقدور للمكلف، لأن كل واحد لا يقدر إلا على حضور نفسه دون غيره، فالجمعة بالنسبة لحضور العدد واجب مطلق، ويتوقف على حضور العدد وجود الجمعة، لأنها لا تنعقد بدونه، لكنه لا يجب لكونه غير مقدور، ولتوقف وجوب الجمعة على وجود العدد بالمصر الذي تقام فيه الجمعة واجب مقيد فلا يوجب إيجابه وجوب مقدمته.