ثانياً: إن صيغ القواعد عند المتقدمين: في عبارتها طول وزيادة بيان بخلافها عند المتأخرين حيث امتازت بإيجاز عبارتها وقلة كلماتها مع استيعابها لمسائلها فهي من جوامع الكلم، ومن الأمثلة الدالة على ما دخل صيغ القواعد من تطور وصقل وتحوير (عدا ما هو من كتاب الله العزيز أو من سنة الرسول الكريم أو قول لصحابي أو تابعي أو أحد الأئمة مما جرى مجرى الأمثال) أقول من الأمثلة على ذلك: قول الإمام الكرخي: الأصل أن المرء يعامل في حق نفسه كما أقر به ولا يصدق على إبطال حق الغير أو إلزام الغير حقاً.
حيث عبَّر عنها المتأخرون بهذه العبارة الموجزة الجامعة وهي قولهم (الإقرار حجة قاصرة) ، وكذلك ما أورده أيضاً الإمام الكرخي في تعبيره عن كون العادة أو العرف حجة قال: الأصل أن جواب السؤال يمضي على ما تعارف كل قوم في مكانهم، والأصل أن السؤال والخطاب يمضي على ما عمَّ وغلب لا على ما شذ وندر حيث جمع كل ذلك في عبارة في غاية الإيجاز وهي قولهم (العادة محكمة) .
ومثل هذه قوله أيضاً الأصل أنه إذا مضى بالاجتهاد لا يفسخ باجتهاد مثله ويفسخ بالنص. وعند المتأخرين قالوا (الاجتهاد لا ينقض بمثله) .