كما وصفوا تضاريسها وشواطئها ومناخها وسكانها ونباتها وحيوانها. وحين وصل هذا التقسيم العام إلى أدق ما وصل إليه عند الكتاب الكلاسيكيين كان يضم ثلاث مناطق: المنطقة الأولى أطلقوا عليها اسم "العربية الصحراوية" arabia erema وهي القسم الأكبر من الناحية الشرقية من الامتداد الصحراوي الذي يتوسط وادي الفرات شرقا وسورية غربا. و"العربية الصخرية" arabia petraea وتضم القسم الغربي من هذا الامتداد وتقع في وسطها مدينة البتراء petra المنحوتة في الصخر قرب وادي موسى في الأردن حاليا, التي اتخذها الأنباط عاصمة لهم في القرن الأول ق. م. والقرن الأول الميلادي قبل أن يدخلوا ضمن الإمبراطورية الرومانية. ولنا أن نتصور أن القسم كان حدوده تتقلص أو تتسع بالضرورة حسب الظروف السياسية, فقد وصل نفوذ الأنباط إلى دمشق أحيانا في الشمال، كما امتدت منطقة نفوذهم الجنوبية إلى المنطقة التي تعرف بمدائن صالح في الوقت الحاضر "في القسم الشمالي الغربي من المملكة السعودية الآن" تدلنا على ذلك الآثار النبطية التي توجد في هذه المنطقة الآن والتي تعتبر امتدادا لآثار البتراء سواء من حيث نحتها في الصخر أو في الطراز المعماري لها. أما القسم الثالث والأخير من هذه المناطق الطبيعية التي قسم الكتاب الكلاسيكيون بلاد العرب إليها فقد أسموه "العربية الميمونة أو المباركة" arabia eudaemon وهو القسم الذي يقع إلى الجنوب من خط وهمي يمتد من الطرف الشمالي للخليج العربي "أو الفارسي حسب التسمية الكلاسكية آنذاك" في الشرق, إلى رأس خليج العقبة "خليج أيلة في الكتابات القديمة" أو إلى نقطة على الشاطئ الشرقي لهذا الخليج. وقد سماها الكتاب الكلاسيكيون بهذا الاسم لوفرة مواردها، سواء أكانت هذه موارد زراعية وبخاصة في الركن الجنوبي الغربي لشبه الجزيرة العربية "منطقة اليمن" أم كانت موارد تجارية من نقل السلع بين الأطراف المختلفة