هذه هي جملة الآراء التي يحاول أصحابها أن ينكروا وجود شعر لدى العرب في العصر الجاهلي، وأن يثبتوا أن ما وصل إلينا عن طريق الرواة في هذا الصدد لم يكن شعرا جاهليا وإنما كان شعرا منحولا وضعه هؤلاء الرواة أو من نقل عنهم هؤلاء الرواية في عصر لاحق للعصر الجاهلي بعدة قرون. على أن الأدلة والشواهد التي ساقوها هي أدلة مردود عليها, سواء فيما يتصل باللغة التي قيل بها الشعر الجاهلي أو بالشعر نفسه أو بالطريقة التي انتقل بها إلى الرواة من علماء القرنين الثاني والثالث بعد الهجرة أو بهؤلاء العلماء الرواة أنفسهم. ولكن قبل مناقشة هذه الأدلة والشواهد أجد من اللازم أن أشير إلى بديهية مؤداها أن أية مجموعة من الشعر في أي مجتمع وفي أي عصر، حتى في العصور التي أصبحت فيها الكتابة هي الوسيلة الأساسية لجمع الآثار الأدبية وحفظها، معرضة بسبب التداول لقدر من التغيير في بعض الكلمات أو العبارات أو الأبيات, بل إلى النقصان والزيادة ليس في أبيات فحسب وإنما في قصائد كاملة. وهذا التغيير أو النقصان أو الزيادة يكون واردا بشكل أكثر في العصور التي تعتمد أساسًا على الرواية الشفهية في نقل الشعر من جيل