وقد كان هذا الموقع الوسط وما ترتب عليه من مرور التجارة من الشرق إلى الغرب بشبه الجزيرة العربية ظاهرة استرعت اهتمام الكتاب الكلاسيكيين في العصرين اليوناني والروماني بدرجة تعطينا صورة مجسمة على حجم هذا المورد وأثره في تنمية اقتصاديات شبه الجزيرة في ذلك العصر الذي وصل فيه استهلاك الطيوب والتوابل إلى قدر كان مجال تعليق لهؤلاء الكاتب. فإلى جانب التفاصيل التي أفاضوا فيها عن طيوب شبه الجزيرة وتوابلها ووصولها إلى العالم الغربي، وهو أمر بدأ يتنبه هؤلاء الكتاب إليه منذ عهد المؤرخ اليوناني هيرودوتس في أواسط القرن الخامس ق. م. "وإن كان هذا لا يعني بطبيعة الحال، أن هذه التجارة لم تكن موجودة قبل ذلك". ومن الكتابات التي تركها لنا هؤلاء نعرف أن عرب شبه الجزيرة لم يكونوا يقتصرون على تصدير طيوبهم وتوابلهم إلى الغرب وإنما كانوا يصدرون كذلك ما يستوردونه من هذه السلع من الهند ومن الحبشة وبعض مناطق السودان aethiopia ومن الصومال trogloditikae. ويشير بلينيوس إلى الحجم الهائل لما كانت تستورده روما من شبه جزيرة العرب ضمن حديثه عن مستوردات روما من بعض