للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[القرآن الكريم]

[مدخل]

...

١- القرآن الكريم:

وأتحدث في هذا الباب من الدراسة عن أول هذين النوعين من المصادر وهو المصادر الدينية، وفي مقدمتها يأتي القرآن الكريم، فهو كلام الله الذي لا يرقى إليه الشك من جهة, ثم هو الكتاب الذي لم يتطرق إليه تبديل أو تحريف على مر العصور من جهة أخرى. وربما ذهب بعض الباحثين إلى أن القرآن الكريم، رغم ما يرويه من أحداث ومواقف تاريخية، لا يهدف في المقام الأول إلى تسجيل تاريخ المجتمعات القديمة في حد ذاتها، وإنما يستهدف إرساء القيم الروحية التي تربط الإنسان بالله, والقيم الاجتماعية التي تنظم علاقة الإنسان بالمجتمع، ومن ثم فإن الأحداث أو المواقف التي يرويها لا تعدو أن تكون أمثلة هدفها الحقيقي هو إظهار العبرة المستفادة من تاريخ هذه المجتمعات. وهكذا جاءت بعض الإشارات التاريخية في القرآن الكريم مقتضبة أو عابرة أو جاء تصويرها بشكل يمتزج فيه تسجيل الحدث أو الموقف بالعرض الوجداني له.

وأود أن أرد على هذا الانطباع السائد بين بعض الباحثين من ناحيتين، تتصل إحداهما بالشكل وتتصل الأخرى بالمضمون. وفيما يتصل بالشكل فإن الإشارة المقتضبة أو العابرة إلى بعض الأحداث أو المواقف لا ينتقص من قيمتها في شيء، فالمصادر جميعا وحدة متكاملة، تتساند فيما بينها في استكمال الحقيقة التاريخية، سواء أكانت هذه المصار آثارًا أم نقوشًا أم كتبًا سماوية أم كتاباتٍ تاريخية أم غيرها، بل إن سطرا واحدا أو عدة كلمات من سطر نعثر عليه في أحد هذه المصادر قد تستكمل لنا حقيقة ناقصة أو تقدم تصورا

<<  <   >  >>