طوال المرحلة التي ابتدأت في العقود الأخيرة قبل الميلاد وامتدت حتى الشطر الأخير من القرن الثالث الميلادي رأينا العلاقات العربية تتجه أساسا نحو الغرب، حيث الإمبراطورية الرومانية بنشاطها العسكري والسياسي الدائب. ورغم وجود الإمبراطورية الفارسية في تحفز دائم نحو الشرق ومتاخمة حدودها لحدود الإمبراطورية الرومانية عبر القسم الشمالي من شبه الجزيرة العربية، إلا أن شبه الجزيرة دارت بشكل أو بآخر في دائرة النفوذ الروماني، وفي قسم من المنطقة على الأقل، وهو القسم الشمالي، جاء الوقت الذي دخلت فيه في تبعية مباشرة للإمبراطورية الرومانية التي أدارت معها حوارا دائما، إذا جاز لي أن أستخدم هذا التعبير المجازي، في ليونة مرة وفي ضغط أو عنف مرة، وأولتها ثقتها في بعض الأحيان، ووضعتها في ظل الشك في أحيان أخرى حتى جاء عام ٢٧٢م الذي دمر فيه الإمبراطور الروماني أورليانوس مملكة تدمر لتختفي هذه المدينة ككيان سياسي من المسرح التاريخي.