بعد الحديث عن الموارد الاقتصادية لشبه جزيرة العرب يصبح في مقدورنا أن نتحدث عن الإطار العام للأوضاع الداخلية في هذه المنطقة بجوانبها الثلاثة: السياسية والاجتماعية والدينية. فقد كانت هذه الأوضاع نتيجة منطقية لهذه الموارد من جهة ثم لتفاعل هذه الموارد مع الموقع والظرف التاريخي الذي أحاط بأقسام شبه الجزيرة من جهة أخرى. لقد رأينا أن الموارد الاقتصادية تدور بصفة أساسية حول محاور ثلاثة: الرعي بنوعيه، المتنقل الضارب في قلب البادية والمستقر أو شبه المستقر على حدود الهلال الخصيب بدوله أو إمبراطورياته المستقرة، ثم الزراعة بنوعيها الخفيف والمكثف، ثم التجارة بخطوطها التجارية التي تربط بين شبه الجزيرة والمناطق المحيطة بها إلى الشمال الشرقي من جهة وإلى الشمال الغربي من جهة أخرى. كذلك كانت تحدق بالمنطقة دول أو إمبراطوريات في هاتين الجهتين وكان بين هذه الدول أو الإمبراطوريات صراع شبه مستمر لا يهدأ إلا لكي يثور من جديد، وكانت كل هذه العوامل تتداخل وتتفاعل في حركة تاريخية يبرز جانب منها حينًا ويبرز أكثر من جانب في أحيان أخرى، وكان لا بد لهذا كله أن يترك أثره