بعد أن تعرفنا على المصادر الدينية لتاريخ شبه الجزيرة العربية في العصور السابقة لظهور الدعوة الإسلامية، وهي مصادر وصلتنا في صورة مدونة، أنقل الحديث إلى القسم الثاني من هذه المصادر المدونة، وأقصد به الكتابات التي تركها لنا الأقدمون من المؤرخين والجغرافيين والرحالة وكتاب الموسوعات العلمية وغيرهم من أصحاب القلم. وهذا القسم الثاني من المصادر المدونة نستطيع أن نميز فيه بين مجموعتين من الكتابات: الأولى هي ما حرره الكتاب الكلاسيكيون أو الكتاب اليونان والرومان "الذين كتبوا باليونانية واللاتينية"، وتستمد كتاباتهم قيمتها من معاصرة هؤلاء الكتاب لمجتمعات شبه الجزيرة العربية في الفترات السابقة لظهور الإسلام، ومن التزامهم بدرجات متفاوتة، ولكنها ملموسة في كل الأحوال، بالتحقيق العلمي والعملي لما كتبوا عنه, وهو تحقيق كانوا يملكون في الواقع مادته الرئيسية "حتى إذا صرفنا النظر عن أية ظروف ومقومات أخرى" بحكم معاصرتهم هذه للأحداث والأحوال والمواقف التي تخص المنطقة التي يكتبون عنها. أما المجموعة الثانية من الكتابات فهي الكتابات العربية التي تركها لنا كتاب العصر الإسلامي، وهذه يعوزها بالضرورة عنصر المعاصرة "الذي يتميز به هؤلاء الكتاب حين يكتبون عن تاريخ العصر الإسلامي ذاته" ومن ثم فهي تعتمد على ذكر