وتبدأ الكتابات الكلاسيكية عن أحوال شبه الجزيرة العربية بشكل أساسي في أواسط القرن الخامس ق. م. وإن كانت هناك إشارات عن العرب فيما تركه لنا اليونان الأوائل، على أن هذه الإشارات ضئيلة ولا تتعدى في الواقع خمس إشارات: اثنتان منها تردان في ملحمة الأوديسية المنسوبة إلى هوميروس homeros الذي يعتمد في شعره على تراث يوناني ينتهي عند أواسط القرن التاسع ق. م. وواحدة في أشعار هزيودوس hesiodos، وهي أشعار ترجع إلى ما بعد هذه الفترة بما يقرب من قرن، واثنتان في مسرحيتين للشاعر المسرحي إيسخيلوس aeschylos وترجعان إلى العقود الأولى من القرن الخامس ق. م. ولكن هذه الإشارات جميعا، فوق أنها مبتورة تأتي كل منها في لفظة واحدة، فإن اثنتين من بينها دلالتهما غير محددة، وواحدة غير ثابتة، ولكن مع ذلك، فإن هذه الضآلة في عدد الإشارات أو في نوعيتها لها دلالة تاريخية فيما يخص شبه الجزيرة العربية, وهذه الدلالة هي أن مجتمع شبه الجزيرة لم يكن بينه وبين اليونان آنذاك اتصال مباشر، ومن ثم كان الحديث عنهم في كتابات اليونان في تلك الفترة حديثا غامضا أو شبه أسطوري١.
١ عن تحديد نهاية عصر هوميروس راجع، لطفي عبد الوهاب يحيى: هوميروس، تاريخ حياة عصر, الإسكندرية ١٩٦٨، صفحات ٣٥-٤٠، الإشارة الأولى عند هوميروس في الأوديسية: od,IV,٨٤ ترد فيها لفظة eremboi لتصف قومًا، ويعتقد سترابون الجغرافي XVI,٤:٢٧ بناء على اجتهاده الشخصي وعلى آراء اثنين من سابقيه تعرضا للمسألة وهما زينون zenon وبوسيدونيوس poseidonius، أن اللفظة تشير إلى العرب =