والآثار والنقوش تأتي في مقدمة هذه المصادر، فهي التعبير المادي الملموس الذي تركه لنا مجتمع شبه الجزيرة العربية "أو من احتكوا به" عن ممارسات هذا المجتمع في كل الجوانب التي أسلفت ذكرها. فالآثار تنقسم إلى أنواع عديدة من بينها، في مجال المعمار، بقايا المنازل والقصور والمعابد والأضرحة والحصون والسدود والبوابات والأسوار والمسلات وغيرها، وفي مجال النحت نجد التماثيل بكافة أنواعها سواء أكانت كاملة أم نصفية أم دمًى صغيرة أم زخارف بالنحت البارز، ثم هناك الرسوم التي تركها سكان بعض المناطق في شبه الجزيرة على شكل مخربشات على صخور الجبال، والفخار الذي كان يشغل حيزا كبيرا في الحياة اليومية وبخاصة في مجتمعات الحضر في شبه الجزيرة "وفي الواقع في كل مجتمعات العصور القديمة" سواء اتخذ شكل أوعية أو أوانٍ أو غير ذلك. وإلى جانب ذلك هناك بطبيعة الحال أدوات العمل اليومي وأدوات الزينة. ثم المسكوكات أو العملة التي كان يتداولها هذا المجتمع في قضاء حاجاته ومعاملاته وبخاصة إذا أدخلنا في اعتبارنا أن التجارة بما فيها من معاملات نقدية كانت تشكل موردا أساسيا من موارده الاقتصادية. ثم نصل في نهاية المطاف إلى النقوش التي تركها لنا سكان شبه الجزيرة في أكثر من منطقة على جدران المعابد أو الأضرحة أو صخور الجبال أو النصب أو الألواح التذكارية, التي أراد بعض الأفراد أو الحكام أن يخلدوا بها حدثا أو موقفا يرغبون في تخليده لسبب أو لآخر.
ونحن نستطيع أن نستنتج الشيء الكثير عن حياة مجتمع شبه الجزيرة من كل نوع من هذه الآثار. ففي مجال المعمار, على سبيل المثال، يشير موقع الحصن أو السور الممتد حول المدينة إلى أن المنطقة التي يوجد بها في حاجة إلى دفاع من نوع خاص؛ لأنها تقع في منطقة تتعرض فيها للخطر من جانب مجتمع مجاور