لديه اتجاهات توسعية, أو لأن المنطقة "التي قد لا تشكل في حد ذاتها مطمعا" تقع في معبر قد تجتاحه دولة مجاورة في طريقها للاعتداء على أرض دولة أخرى مجاورة. والحجارة التي تستخدم في بناء هذا الحصن أو هذا السور لها أكثر من دلالة، ومن بين ما تدل عليه مدى الاهتمام بتحصين الموقع, وهذا نستطيع أن نعرفه من حجم الحجارة وسمك السور أو سمك جدران الحصن، كذلك هي تدلنا على مدى قدرة أفراد المجتمع في هذا الموقع على السيطرة على الحجر صقلًا وترتيبًا, وعلى مدى تأثرهم في طراز البناء بغيرهم أو مدى تعبيرهم عن شخصيتهم الخاصة. والشيء ذاته يمكن أن نقوله بتفاصيل مختلفة عن بقية أنواع المعمار، فأساسات أو بقايا المنزل أو القصر الذي يجده المنقِّب الأثري في أثناء حفائره تشير، بين أشياء كثيرة, إلى المستوى الاقتصادي أو الطبقي لمن كانوا يسكنون هذا المنزل أو القصر، والمعبد يبين لنا، إلى جانب طرازه ومدى ما فيه من شخصية فنية محلية أو تأثير خارجي، نوع العبادة التي كان يمارسها سكان المنطقة التي أقيم فيها هذا المعبد, وشيئا عن المعبود الذي تدور حوله، وربما شيئا عن الطقوس أو الشعائر التي كانت تتصل بهذا المعبود وهكذا.
والتماثيل أو النحت البارز أو الرسوم والمخربشات هي الأخرى نستطيع أن نستنطقها الكثير مما كان يدور في مجتمع شبه الجزيرة قبل ظهور الإسلام, كما نستطيع أن نتعرف من العملة على أكثر من جانب من جوانب الحياة التي كان يمارسها، فالكتابة التي تظهر على أحد وجهي العملة قد تعطينا اسم الحاكم أو صفته والرسم الذي قد يوجد على الوجه الآخر له دلالته سواء صور معبودا أو حيوانا يقدسه المجتمع أو طائرا أو نباتا له أهميته في الحياة اليومية. والعملة الأجنبية التي نعثر عليها نستطيع أن نعرف منها مثلا أن قدرًا من التعامل كان قائما بين مجتمع شبه الجزيرة والدولة صاحبة هذه العملة، وعدد ما يعثر عليه من قطع هذه العملة الأجنبية يعطينا فكرة عن مدى كثافة المعاملات مع هذه