الدولة. كذلك فنوعية المعدن الذي سكّت منه العملة يزودنا بفكرة عن رسوخ الوضع الاقتصادي أو عدم رسوخه, إذا كانت هذه العملة ذهبا أو فضة أو بروزا وهكذا.
ثم نأتي إلى النقوش, وهذه عبارة عن نصوص تركها لنا مجتمع شبه الجزيرة في العصور السابقة للإسلام, إما محفورة بشكل سريع على واجهات الصخور, أو محفورة بشكل منظم، وعادة ما يكون منمقا، على جدران المعابد أو المنازل أو على واجهات الأضرحة أو شواهد القبور، أو مختومة على ألواح أو رُقُم طينية تحرق بعد أن تسجل عليها هذه النصوص؛ كي تكتسب شيئًا من الصلابة التي تضمن لها البقاء فترات طويلة دون أن تتعرض للتفتت أو التآكل. وهذه النصوص تتراوح في طولها، فقد تكون سطورا قليلة لا تتعدى أصابع اليد الواحدة أو قد تمتد لتشمل عدة فقرات طويلة. كذلك فهذه النقوش قد توجد في مناطق داخل شبه الجزيرة العربية، كما قد توجد في مناطق داخل بلاد أخرى كانت على صلة بشكل أو بآخر بمجتمع شبه الجزيرة، ومن ثم ترد في نصوص لشبه الجزيرة معلومات عنها.
والنقوش لها أكثر من دلالة تضعها أمام من يريد التعرف على مجتمع ما قبل الإسلام في شبه الجزيرة العربية. وعلى سبيل المثال فإن انتشار نصوص بلغة أو لهجة معينة في عدد من المناطق يشير إلى انتشار الفئة أو المجموعة التي تتحدث بهذه اللغة أو اللهجة في الأماكن التي وجدت فيها هذه النقوش, أو يشير على الأقل إلى تواجد -بصفة أو بأخرى- لهذه المجموعة في تلك الأماكن. ووجود نقوش بلغات مختلفة في منطقة واحدة يشير عادة إلى أن هذه المنطقة كانت نقطة التقاء أو مرور للمجموعات التي كانت تتحدث بهذه اللغات, وهو لقاء أو مرور يتم لغرض عادة ما يكون تجاريًّا. كذلك قد يشير أحد النقوش إلى حدث معين قد يكون غزوة قام بها حاكم منطقة بعيدة إلى المنطقة التي اكتشفت فيها النقش, وقد يكون ابتهالًا من أحد حكام أو أفراد منطقة