للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أخرى يرد بعضها, نتيجة لروايات متواترة أو لبقايا أثرية لا تزال قائمة, عن دول وحضارات قديمة سادت في مجموعة جزر بولينيزية بالمحيط الهادي، ثم بادت في وقت من الأوقات٣.

وفي ضوء هذه الاعتبارات السابقة فإن أي تحديد للمنطقة التي نشأت فيها أولى الحضارات القديمة لا يمكن، بالضرورة إلا أن يكون تحديدا نسبيا. ومن منطلق هذا التحديد النسبي لنا أن نفترض أن منطقة نشوء الحضارات هي تلك المنطقة التي ظهرت فيها حتى الآن أقدم الحضارات التي عرفنا عنها شيئا متكاملا أو قريبا من التكامل من جهة، والتي كان لها، من جهة أخرى, حتى بعد أن اضمحلت وسقطت، تأثير مستمر على الحضارات التالية لها لتترك بذلك طابعها، بشكل مباشر أو غير مباشر، على المسيرة الحضارية التي تعيش الآن أحدث مراحلها.

وفي حدود هذا الإطار فإن مجموعة الحضارات القديمة المتكاملة والمؤثرة بالشكل الذي ذكرته تقع ضمن منطقة حدودها الجغرافية هي خطوط الطول من ١٠ إلى ٧٠ شرقًا، وخطوط العرض من ١٠ إلى ٤٥ شمالًا، وتشمل من


٣ الظواهر الموجودة في بعض هذه الجزر، مثل التماثيل البالغة الضخامة في "جزيرة الفصح" Easter Island، وعدد من القصص الشعبية التي تواترت عن طريق الرواية لتصف عهدًا كان فيه محاربون من الأبطال وأمم قوية في جزيرتي "ساموا" samoa و"تاهيتي" Tahiti والمقدرة الفنية والحساسية الشعرية عند السكان الحاليين لهذه الجزر، كلها توحي بأننا لسنا بصدد حضارة جديدة في طريق الصعود بقدر ما نحن بصدد حضارة قديمة كانت موجودة ثم اندثرت: راجع:
will Durant: the story of Civilization ج١، ط٢٢ "١٩٥٤ New york"، ص ١٨٧.

<<  <   >  >>