أما المثال الثالث الذي أقدمه في هذا الصدد فهو تمثال برونزي عثر عليه ضمن مجموعة من التماثيل في مدينة "تمنع" في قتبان وهي من الأقسام السياسية التي قامت في جنوبي شبه جزيرة العرب وهو تمثال لطفل يمتطي أسدا، والطفل يمسك في يده اليمنى بلجام وفي يده اليسرى بشيء يشبه القفل بينما يرفع الأسد رجله اليمنى وكأنه يهم بالحركة. وفي هذا التمثال نجد أثر الفن اليوناني بارزًا إلى حد كبير سواء في عري الطفل، والعري ظاهرة شائعة في التماثيل اليونانية، أو في ملامح وجهه أو في ليونة الحركة الخارجية "التي تميز الفن اليوناني عن فنون الشرق الأدنى القديم مثل الفن المصري أو الفن الآشوري". ونحن نستطيع أن نستنتج من هذا التمثال، الذي يرجع صنعه إلى القرن الأول ق. م. أو القرن الأول الميلادي، تأثيرا يونانيا على المثال العربي في هذه المنطقة من شبه الجزيرة, جاء نتيجة احتكاك اتخذ صورة أو أخرى بين اليونان وجنوبي شبه الجزيرة, وبخاصة إذا عرفنا أن اليونان كانوا قد بدءوا يزاولون الملاحة في البحر الأحمر منذ العصر المتأغرق "القرون الثلاثة الأولى ق. م" بتشجيع من ملوك البيت الحاكم البطلمي في مصر، ثم استمر نشاطهم البحري بعد ذلك في عصر الإمبراطورية الرومانية "ابتداء من ٢٧ ق. م" بعد أن عمل الأباطرة الرومان منذ بداية قيام الإمبراطورية الرومانية على فرض نفوذهم بطريق أو بأخرى على مدخل البحر الأحمر عند مضيق باب المندب "أقصى الطرف الجنوبي لهذا البحر" كمنطقة تتحكم في الطريق التجارية بين موانئ البحر المتوسط "ثم برا إلى البحر الأحمر ثم اختراقا لهذا البحر حتى جنوبيه" والمحيط