للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شأنًا من الناحية الفنية، إلا أنها لا تقل عنها في قيمتها كمصدر نستقي منه أحوال المجتمع العربي في ذلك العصر. وهناك في الواقع أمثلة عديدة لهذه المخربشات التي نقشها السكان بشكل غير متقن أو بشكل عفوي وبسيط وسريع في أغلب الأحيان. وسأختار عددًا منها من المنطقة الوسطى في شبه الجزيرة, يعطينا فكرة عن بعض جوانب المجتمع الذي كان يوجد في هذه المنطقة. وأول مجموعة من هذه المخربشات نجد منظرين منها على جبل برمة في القسم الشمالي الشرقي من هذه المنطقة، وهي تضم منظرا لعنزة في حركة قافزة ومنظرا آخر يظهر فيه جمل وما يشبه النعامة. بينما نجد منظرا ثالثا في وادي ماسل يضم عددا من النعام. والمنظر الأول الذي تظهر فيه العنزة يعبر عن حياة الرعي التي سادت هذه المنطقة، بينما يعبر المنظر الثاني الذي يظهر فيه الجمل عن وسيلة المواصلات الأساسية لسكان المنطقة. أما النعامة فيبدو رغم انقراضها الآن بشكل كلي أو يكاد يكون كليا، أنها كانت من الحيوانات أو الطيور الشائعة في عصر ما قبل الإسلام شيوعًا جعلها أو جعل التشبيه بها يظهر بشكل متواتر في أشعار الجاهليين من أمثال امرئ القيس ولبيد بن ربيعة والحارث بن حلزة اليشكري وعنترة بن شداد والنابغة الذبياني وعامر بن الطفيل وعبيد بن الأبرص١١.

والمجموعة الثانية من هذه المخربشات منحوتة على صخور جبل برَّاقة "حوالي ٣٠ كيلومترًا شمالي موقع الدوادمي" وفي أحد مناظرها نجد صورة


١١ راجع: اللوحات: ١١ أ "العنزة القافزة"، ١١ب "جمل وما يشبه النعامة"، ١١ج "عدد النعام". عن ذكر النعام في شعر امرئ القيس راجع الأبيات في شيخو- البستاني: المجاني ص٣٥، بيت٥٨, وص٤١، بيت٢٤؛ عند لبيد بن ربيعة، المرجع ذاته، ص١٠٣، بيت٦, وص١١٠، بيت٦٧؛ عند الحارث بن حلزة اليشكري، ذاته: ص١٥٠، قصيدة صيد وفخر، بيت٩؛ عند عنتره بن شداد، ذاته: ص ١٥٥، بيت٢٥؛ عند النابغة الذبياني، ذاته: ص٢٢، بيت١١؛ عند عامر بن الطفيل، ذاته: ص٢٩٠، بيت١٤؛ عند عبيد بن الأبرص، ذاته: ص٣٤١، بيت٢.

<<  <   >  >>