كتب فيها أو على الأقل في أثنائها، فهو يشير في حديثه إلى تبعية بلاد الأنباط لروما في "الوقت الحالي" مشيرا إلى الوقت الذي كان يكتب فيه. ولكنا نعرف من الكاتب الروماني بلينيوس plinius "الذي عاش وكتب بعد سترابون" أن هذه البلاد كانت لا تزال مستقلة في وقته "٢٤/٢٣-٧٩م".
وفي الواقع فإن إمارة الأنباط لم تصبح ولاية رومانية إلا منذ عام ١٠٥م حين ضمها تراجان إلى الإمبراطورية الرومانية, وبعد ذلك التاريخ أصبحت تعرف باسم "ولاية العربية الصخرية" arabia petraea١٩, وفي هذه الحال يصبح حديث سترابون معناه في الحقيقة أن إمارة الأنباط قبل ١٠٥م كانت داخلة في دائرة النفوذ الروماني ولكن دون أن تتحول بشكل رسمي إلى ولاية رومانية. وما دام النقش والصورة الموجودان على قطعة العملة يؤكدان تبعية المنطقة "رسميا" للإمبراطور الروماني، فيكون تاريخ ضرب هذه العملة يقع بين عام ١٠٥م وعام ١١٧م "وهو آخر عهد تراجان" على وجه التحديد، ونستطيع عندئذٍ أن نقول: إن أية صفقة أو معاملة تتصل بها هذه القطعة من العملة تقع ضمن هذه الاثني عشر عامًا الممتدة بين ١٠٥م و١١٧م.
كذلك نستطيع أن نستنتج من هذه العملة شيئا آخر، فاللغة التي كتب بها النقشان الموجودان على وجهيها هي اللغة اليونانية, ومع ذلك فاللغة الرسمية للإمبراطورية الرومانية هي اللغة اللاتينية. وإذن فلا بد من سبب لهذا التناقض
١٩ راجع: لوحة ١٨. عن حديث سترابون عن بلاد النبط راجع: strabo: XVI. ٤:٢١؛ عن وضعها في وقت بلينيوس، راجع: plinius: H.n VI,١٤٤, وفي الواقع نحن نستطيع أن نقول: إن دخول بلاد النبط في دائرة نفوذ الإمبراطورية الرومانية يبدأ منذ أن أرسل أغسطس حملة إلى اليمن التي استعان فيها بالوزير النبطي سللايوس ثم وجدت روما من حقها أن تحكم على هذا الوزير بالإعدام حين تردد أنه خدع القائد الروماني في هذه الحملة، راجع عن إعدام سللايوس: strabo: XVI,٤:٢٤. عن ضم إمارة أو مملكة الأنباط إلى روما في ١٠٥م لتصبح ولاية رومانية بصورة رسمية، راجع: m.CARY, a history of rome ط٢ "١٩٦٠, london" ص٦٤٥.