للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويستطيع دارس هذا النقش أن يتعرف من خلاله على مجموعة من الحقائق ومن بين هذه الحقائق على سبيل المثال مدى العلاقة الوثيقة التي كانت تربط بين هذا التاجر العربي وبين الكهنة المصريين، وهذه العلاقة الوثيقة يمكن أن نوائم بينها وبين عدد كبير من النقوش التي كتبت بلغة عربية جنوبية أو لغة عربية شمالية، وهي نقوش عثر على أعداد كبيرة منها في الصحراء المصرية الشرقية بين نهر النيل والبحر الأحمر, وتشير إلى نزوح عدد من سكان شبه الجزيرة العربية إلى هذه المنطقة في عهد البطالمة. كذلك بمقدورنا أن نستنتج من هذا النص اندماج هذا التاجر العربي في الحياة المصرية "وهو اندماج يمكن أن يكون واردا في حالة عدد كبير من العرب النازحين إلى مصر في تلك الفترة", فنحن نرى هذا التاجر يتقدم بدعائه وابتهالاته لا إلى آلهته فحسب، بل كذلك إلى إله مصري. ثم هو لا يذكر هذا الإله المصري باسمه الذي كان شائعا بين اليونان المقيمين في مصر "وفي الواقع بين اليونان في خارج مصر، وقد كانت عبادة هذا الإله شائعة بينهم كذلك" وهو سرابيس، ولكنه يذكره باسمه المصري أوزير-حابي "بعد أن عربه إلى أثرحف" مما يشير إلى أن اندماج هذا التاجر لم يكن مع اليونان وإنما مع المصريين. بل لقد ذهب بعض الباحثين، بناء على هذا الاندماج، إلى أن "زيد إبل" أصبح في الواقع كاهنا في المعابد المصرية، وأن الكهنة المصريين قبلوا انخراطه في سلك رجال الدين المصريين، ورأوا في هذا ما ييسر عليهم الحصول على حاجتهم من البخور والطيوب اللازمة لأداء الشعائر والطقوس الدينية بشكل مباشر دون وساطة السوق التي ترفع وساطتها من ثمن هذه السلع بالضرورة.

وأخيرا فإن النقش يكشف لنا عن حقيقة مهمة هي أن المواصلات في هذه الفترة بين عرب شبه الجزيرة العربية وبين مصر لم تكن قاصرة على الطريق البري، وإنما كانت تتم كذلك عن الطريق البحري عبر البحر الأحمر، وفي الواقع نحن نعرف أن المواصلات البحرية عبر البحر الأحمر كانت قائمة,

<<  <   >  >>