غشه ثم طرق نقله إلى شواطئ البحر المتوسط. وهو في حديثه عن أثمان هذه الطيوب يلقي أضواء مهمة على بعض جوانب الحياة في شبه الجزيرة، من بينها الشعائر الدينية التي تواكب معالجة لحاء الأشجار لاستخراج اللبان على سبيل المثال، وتكاليف هذه الشعائر، والأثمان النهائية لأنواع اللبان بعدما تتم كل المعاملات وتحصيل الضرائب عليه وهكذا٢٦.
والنوع الثالث من الكتابات التي ظهرت عن شبه الجزيرة العربية في العصر الروماني، فهي استمرار لكتب الرحالة أو كتب الطواف periploi التي مر بنا ذكرها، ولكن في تفصيل أكثر دقة مما كان معروفا من قبل، وقد وصل إلينا كتاب أو دليل من هذا النوع لكاتب غير معروف الاسم ولكن يبدو أنه كانت تاجرا يونانيا من مصر، وقد وصل الكتاب إلينا تحت العنوان الشائع "الطواف حول البحر الأريتري" وفيه يصف الكاتب الطرق التجارية بين مصر والهند، مرورا بشواطئ شبه الجزيرة، والكتاب يحوي معلومات كثيرة من ذلك النوع الذي يحتاج إلى معرفته الملاحون والتجار، سواء في ذلك ما يتصل بالملاحة والأسواق أو ما يتصل بالمعلومات العامة عن البلاد التي تقع على السواحل العربية أو على مقربة منها. فهو يتحدث مثلا عن خطورة الملاحة حول سواحل شبه الجزيرة حيث الموانئ نادرة والمراسي عسرة المسلك، كما يقدم وصفا لسوق موزا MUZA "مخا الحالية" وهو يذكر شيئا عن الأنباط وعن اسم ملكهم الذي كان معاصرا للوقت الذي كتب فيه. كذلك أشار هذا الكاتب إلى علاقة الإمبراطورية الرومانية بشبه الجزيرة العربية في جملة قصيرة مفادها أن "قيصر" أخضع عدن قبل وقته بسنوات قليلة، دون أن يحدد اسم هذا القيصر؛ مما أدى إلى جدل طويل بين الباحثين في الوقت