للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد انتشرت زراعة الأعناب في عدد من أماكن شبه الجزيرة العربية في العصر السابق للإسلام فالنصوص العربية الجنوبية تشير في مواضع عديدة إلى معاملات تتعلق بهذه الزراعة أو بالزبيب الناتج عن تجفيف ثمارها في اليمن ومن بين هذه نص يشير إلى توزيع أبرهة "حاكم اليمن من قبل نجاشي الحبشة في أواسط القرن السادس الميلادي" لحصص من الزبيب "فصمم أو فصم في اللهجات العربية الجنوبية" بمناسبة إسهامهم في بناء سد مأرب. كذلك تظهر صور أغصان العنب وعناقيده محفورة على الآثار اليمنية سواء في الأحجار أو على الأخشاب أو الألواح المسواة من الجص، حتى صار هذا النوع من الزخرف إحدى خصائص الفن اليمني. كما نجد الأعشى الكبير يشيد بأعناب "أثافت"، إحدى مدن نجران، وقت قطافها وعصرها، في إحدى قصائده عن الخمر. والأعشى هو شاعر الخمر وشاعر الترحال والأسفار الذي يستطيع أن يقارن بين بلد وبلد وبين ما تنتجه هذه أو تلك من الأعناب. كذلك اشتهرت بعض الأماكن في الحجاز، مثل الطائف، بالأعناب والزبيب الذي يجفف منها، فعمرو بن العاص، وهو مخضرم أدرك الجاهلية، كان له بوهط من الطائف, كرم كثير بلغ عدد شجره ألف ألف عود١٧. وفي الواقع فإن الأعناب وما يجفف منها من زبيب كانت تمثل عنصرًا أساسيًّا من عناصر ثروة الطائف الاقتصادية.

أما عن النوع الثالث من الزراعة فهو الحبوب, ومن بينها الشعير الذي كانت زراعته منتشرة بعض الشيء ثم الحنطة أو البر "القمح" الذي يبدو أن


١٧ عن نص أبرهة، جواد علي: مجلة المجمع العلمي العراقي، مجلد ٤، ج١, ص٢١٨، سطر ١٢٨. كذلك جواد علي: المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، ط١، ١٩٧١، ج٧، ص٧٣. بيت الأعشى في شيخو والبستاني: ذاته، من قصيدة في مدح سادة نجران، بيت ٢٥:
أحب أثافت يوم القطا ... ف ووقت عصارة أعنابها
عن وهط عمرو بن العاص راجع، معجم ياقوت: مادة وهط، ج٥، ص٣٨٦.

<<  <   >  >>