للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إما حضارة الآشوريين والبابليين أو الفرس في الشرق، وإما المصريون أو البطالمة أو الرومان في الغرب.

ولكن وقفت في الجانب الآخر عدة صعاب لم تمكن عرب شبه الجزيرة في الحقبة الأولى من العصور القديمة من الانتفاع بهذه الإمكانات المتاحة لها من حيث الموقع. فالبحر الأحمر شواطئه ليست آمنة تماما، بل إن أغلب هذه الشواطئ، وبخاصة في القسم الشمالي من هذا البحر, عبارة عن شعب مرجانية لا تسمح بوجود موانئ ترسو عليها السفن في شيء من الأمان، أما فيما يخص الخليج فإن سواحله الشرقية لا تطل على أماكن يوجد فيها قدر كافٍ من الماء اللازم لمساعدة القائمين بأي نوع من النشاط التجاري في الفترات الموغلة في القدم. كذلك فإن شبه الجزيرة لا تنتج أي نوع من الأخشاب الصلبة الطويلة التي تصلح لبناء السفن. ومن هنا، فرغم أننا نسمع عن نشاط بحري في الحقبة الأولى من العصور القديمة في البحر الأحمر من جانب المصريين، أو لفترة وجيزة من جانب العبرانيين "على عهد سليمان" يعاونهم الفينيقيون "على عهد حيرام ملك صور"، وفي الخليج الفارسي من جانب الآشوريين والفرس، إلا أننا لا نسمع عن نشاط بحري عربي من جانب شبه الجزيرة في هذه الحقبة على الإطلاق٤٦.

وفي الواقع فإن علينا أن ننتظر إلى العصر المتأغرق "القرون الثلاثة الأخيرة ق. م" والعصر الروماني الذي بدأ بعده مباشرة قبل أن نسمع عن ظهور النشاط التجاري البحري لسكان شبه الجزيرة وعن تطور هذا النشاط, وقد كان العصر المتأغرق في الواقع عصر نشاط اقتصادي من الطراز الأول


٤٦ george hourani: arab seafaring in the indian ocean in ancient and early medieval times "khayat's reprints, beirut, ١٩٦٣" صفحات ٤-١١.

<<  <   >  >>