للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الهندي"*. ومثل هذا التكثيف التجاري من جانب البطالمة بإمكاناتهم الاقتصادية القوية من المنطقي أن يؤدي إلى التراجع الذي أصاب التجارة البحرية من الجزيرة العربية، على الأقل في خارج دائرة النشاط البحري المحلي. أما العامل الآخر الذي أدى إلى هذا التراجع فهو اكتشاف بحار يوناني اسمه هبالوس hippalos لقيمة الرياح الموسمية في تسهيل رحلات السفن عبر المحيط الهندي إذا أحكم توقيت هذه الرحلات بحيث تتم في شهور معينة من السنة. وقد أدى هذا الاكتشاف لقيمة الرياح الموسمية إلى تكثيف أكثر للتجارة المباشرة بين البحر الأحمر والمحيط الهندي٥٦، وهي تجارة كان لا يمكن للتجار العرب أن ينافسوا فيها التجار اليونان الذين يملكون السفن الكبيرة التي تستخدم فيها المسامير لتوصيل ألواحها ببعضها، بينما كانت السفن العربية من النوع الصغير الذي تستخدم فيه الألياف لربط الألواح ببعضها٥٧.

على أننا لا نلبث أن نسمع عن عودة للنشاط العربي في التجارة البحرية مع العصر الإمبراطوري الروماني الذي ابتدأ في فجر القرن الأول الميلادي. ففي أواسط هذا القرن يصف لنا صاحب كتاب "الطواف حول البحر الأريتري" "وهو كاتب يوناني" ميناء ليوكي كومي leuke kome "القرية البيضاء" في القسم الشمالي من ساحل شبه الجزيرة، المطل على البحر الأحمر، بأنها سوق نبطية "أي: في منطقة الأنباط" للسفن العربية المحلية. كما يتعرض هذا الكاتب لميناء موزا muza "عند أو قرب مخا حاليا" فيصفها بأنها


* rostovizeff: ذاته، ج٢، صفحات ٩٢٣-٩٢٩ وحواشي ٢٠٣-٢٠٧. كذلك في w.otto & h. bengIson: zur geschichte des niederganges des ptolemaierreiches "١٩٣٨ muenchen" صفحات ١٩٤ وما بعدها.
٥٦ plinius: hn.vi,١٠٠, ١٠٤,١٠٦.
٥٧ g.hourani: ذاته، ص٢٨.

<<  <   >  >>