"حوالي ١٠٠ ميل شمالي شرقي مخا على الطريق إلى صنعاء" عاصمة لهم وسيطروا على قسم كبير من المنطقة التي وجدت فيها الممالك التي سبق ذكرها واتخذ كل من حكامهم لقب: "ملك سبأ وذو ريدان""وذو ريدان هي قتبان" وبقى هذا هو اللقب الملكي حتى أول القرن الثالث الميلادي "٣٠٠م" حين نجده يتغير إلى "ملك سبأ وذو ريدان وحضرموت ويمنات" ومعنى ذلك: أن مملكة حضرموت قد دخلت في تبعية السيطرة الحميرية في ذلك الوقت. هذا وقد زاد هذا اللقب في فترة لاحقة ليضم "وأعرابها في الجبال وفي تهامة"، "وتهامة تقع على الشاطئ الغربي في امتداد جنوبي شمالي" وهي زيادة تشير إلى اتساع نطاق السيادة الحميرية لتشمل كل المنطقة المأهولة في العربية الجنوبية١٢.
ثم تأتي الصفة الثالثة لهذه الممالك الجنوبية وهي نقاط التوسع خارج حدودها عن طريق المستوطنات. ونحن نستدل على ذلك من بعض النقوش الآشورية التي يرد في واحد منها من عهد الملك تجلات بيليسر الثالث "٧٤٤-٤٢٧ ق. م", على سبيل المثال, أن هذا الملك مد نفوذه إلى عدد من القبائل والمدن من بينها سبأ, ثم يذكر في النقش ذاته أن هذه الأماكن تقع في أقصى الغرب "بالنسبة لدولة آشور" كما يضع سبأ في ترتيبها بعد تيماء مما يعطينا فكرة عامة عن موضعها. وهذا النقش وغيره من النقوش الآشورية التي يرد فيها اسم سبأ تشير بشكل واضح إلى أن المقصود هو مستوطنات سبئية في الشمال. كذلك نجد عددًا من النقوش المعينية في العلا وفي شمالي غربي شبه الجزيرة وفي الجوف في القسم الشمالي منها، وكلها تشير إلى قيام عدد من المستوطنات المعينية في هاتين المنطقتين. كما نجد مثالًا تتضخم فيه هذه المستوطنات لكي تتحول بعد ذلك إلى دولة متكاملة، كما حدث في عهد المملكة الحميرية
١٢ عن عرض موجز للمسار السياسي لهذه المناطق، راجع، guidi: ذاته، صفحات ٦٤-٨٤، كذلك hitti: ذاته، صفحات ٤٩-٦٦.