للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما بالنسبة للدولة التي تتبعها الإمارة فقد كان لقب حاكم الإمارة يتخذ أسماء متعددة حسب الظروف, كما حدث في حالة أذينة حاكم تدمر، على سبيل المثال، حين نجد الإمبراطور الروماني يضفي عليه لقبين لقاء خدماته، أحدهما "قائد الشرق" أو "قائد المنطقة الشرقية" dux orientis والآخر "آمر الجند" imperator وكما حدث في حال المنذر الثالث الغساني الذي أضفى عليه الإمبراطور يوستنيانوس "جستنيان" لقب "حاكم القبائل" phylarchus إلى جانب لقب شرفي آخر هو "النبيل" patricius.

والحكم في هذه الإمارات كان فرديا وراثيا "على عكس ما رأينا في نظام الحكم القبلي بالنسبة للسيد" يظهر هذا من قائمة حكام الغساسنة واللخميين كما يبدو في تدمر من تقلد الزباء ملكة تدمر لصلاحيات السلطة كوصية على العرش بعد موت زوجها أذينة. ويبدو أن الدول الكبرى التي كانت تتبعها هذه الإمارات لم تتدخل في هذا النظام الوراثي، ولعل السبب في ذلك هو أن هذا النظام كان يمثل بالنسبة لها شيئا من الاستقرار الذي تنشده على حدودها. وحتى حين كانت تشك في نوايا أو تصرفات أحد هؤلاء الحكام كانت تبقي على نظام الوراثة كما هو ولكنها تتخذ الإجراء الذي تراه مناسبًا للمحافظة على مصالحها. ومن أمثلة ذلك ما حدث حين لم ترتح الإمبراطورية البيزنطية إلى بعض تصرفات المنذر الرابع وابنه النعمان فأخذ الأول سجينًا إلى القسطنطينية ثم سجن بعد ذلك في صقلية، بينما اقتِيدَ الثاني منفيًّا إلى القسطنطينية. ومن أمثلته كذلك ما حدث حين عين الإمبراطور الفارسي إلى جانب إياس بن قبيصة "٦٠٢-٦١١م"، الحاكم اللخمي، مقيما فارسيا وضعت السلطة الحقيقية في يده بحيث أصبحت سلطة الحاكم العربي سلطة اسمية١٩.


١٩ عن ألقاب أذينة راجع: m. cary: a history of rome ص٧٢٥، كذلك kammerer: ذاته، ص٣٢٠، عن قوائم ملوك الغساسنة واللخميين، kammerer: ذاته، صفحات ٣٣٧، ٣٤١، عن الوراثة في الأسرة الحاكمة في تدمر ووصاية الزباء، cary: ذاته، ص٧٢٥, عن تصرف القوات الكبرى في حالة شكهم في نوايا هؤلاء الحكام hitti: ذاته، صفحات ٨٠ و٨٤.

<<  <   >  >>