التي يمكن أن نعتمد عليها بشكل علمي، وهي المصادر المعاصرة لهذا التاريخ.
وهكذا بدأت بترك ما خلفه لنا كتاب العصر الإسلامي فيما عدا استثناءات قليلة ذكرتها في موضعها. فهؤلاء الكتاب كانوا بكل بساطة يكتبون عن عصر بدأ قبل وقتهم بألف وسبعمائة سنة على الأقل، كما أنهم نحوا فيما كتبوه منحى "القصاص وجروا على أساليبهم ولم يلتزموا فيها الصحة ولا ضمنوا لنا الوثوق بها" على حد تعبير واحد من هؤلاء الكتاب أنفسهم وهو ابن خلدون، ومن ثم "فلا ينبغي التعويل عليها وتترك وشأنها" حسب حكم الكاتب نفسه. وفي هذا المجال فقد اعتمدت على ما وصل إلى أيدينا، وهو كثير، من الآثار والنقوش والكتابات الكلاسيكية "اليونانية واللاتينية" التي عاصر كتابها ما كانوا يكتبون عنه. كما حاولت أن أحسم مسألة الانتفاع العلمي الكامل بمصدرين معاصرين أساسيين، فطرحت للمناقشة قيمة الاعتماد على الشعر الجاهلي كمصدر تاريخي وإلى أي حد يجوز لنا اعتماد ذلك، كما حاولت أن أبين كيفية الاعتماد على آيات القرآن الكريم بشكل علمي لا يزال الانتفاع به حتى الآن أقل من القليل.
وتبقى في نهاية الحديث كلمة شكر أوجهها إلى عدد من الذين أسهموا في ظهور هذه الدراسة في شكلها الحالي، فقد شارك تلميذي وزميلي الدكتور إبراهيم بيضون في صياغة عنوان الدراسة بما يتطابق مع مضمونها، كما قام الأستاذ أمين منيمنة برسم الخرائط اللازمة لها وإن كان ما جاء بها من تحديد تقريبي للمواضع قد لا يتفق مع الدقة الجغرافية هو من تسجيل الباحث وعليه تقع مسئوليته. أما عن دار النهضة العربية التي نشرت هذه الدراسة فلها كل التقدير على ما أبداه كل أفرادها من سعة صدر في الالتزام بمتطلباتي التي كثيرًا ما وصلت إلى درجة الإرهاق. وأخيرًا وليس آخرًا, فهناك دائما زوجتي التي ساندت وساعدت وعانت في سبيل إخراج هذه الدراسة ربما أكثر مما بذلت في كتابتها.