لا ترد فيها لفظة "ع ر ب" أو "أر ب" أو أية لفظة أخرى قريبة من هذا النطق، رغم وفرة هذه النقوش وغزارتها، ورغم كثرة أسماء الشعوب التي وردت ضمن هذه النقوش ممن احتكت بهم مصر في صورة أو أخرى في المراحل العديدة التي مر بها تاريخها في هذه الفترة. ومع ذلك فقد عرفت مصر في عهد الفراعنة طريقها إلى كل منطقة الهلال الخصيب التي تشكل التخوم الشمالية لشبه الجزيرة العربية في صور متعددة من العلاقات التجارية أو السياسية أو العسكرية. وكل ما نحظى به من إشارات في النقوش المصرية فيما يخص الموضوع الذي نحن بصدد الحديث عنه هو تسميات عامة مثل تسمية "عامو" أي: الآسيويين أو "تاعاموا" أي: أرض الآسيويين التي كانت تطلق على سكان أو مناطق الصحراء الشرقية وسورية وفلسطين والقسم الشمالي من شبه الجزيرة العربية، ومثل "تا - نثر" التي كانت تشير إلى الأراضي الواقعة إلى شرقي وادي النيل بوجه عام والتي كان مدلولها يتسع باتساع معرفة المصريين بالمناطق التي تشملها هذه الأراضي ونشاطهم فيها حتى شمل في عصر الدولة الحديثة المناطق الممتدة شرقي مصر عبر المنطقة السورية حتى شمال العراق, ومن ثم كان من الممكن أن يضم الامتدادات لشبه الجزيرة العربية١.
أما الألفاظ المحددة التي وردت في هذه النقوش والتي قد تشير إلى بعض المجموعات العربية، فهي الأخرى لا تعطينا صورة مباشرة في هذا المجال؛ فلفظة "خبسيتو" التي ترد ضمن نقوش الدير البحري "في صعيد مصر" في أثناء وصف البعثة التجارية المصرية التي وصلت في عهد الملكة حتشبسوت "أواسط الألف الثانية ق. م" إلى بلاد بونت "الصومال والحبشة حاليًا" يرى بعض
١ وصلت الحدود المصرية، عبر منطقة الهلال الخصيب، إلى نهر الفرات في عهد كل من الفراعنة تحتمس الأول وتحتمس الثالث "الذي عبر الفرات" وأمنحوتب الثاني، راجع j. h. breasied: a history of egypt صفحات ٢١٩, ٢٥٢، ٢٥٤، ٢٧٠. عن تسميات تاعاموا وتا - نثر, انظر عبد المنعم عبد الحليم السيد: الجزيرة العربية ومناطقها وسكانها في النقوش القديمة في مصر، صفحات ١-٢.