أصبحت مقر المملكة أو إمارة عربية في عصر لاحق". ولكن هذه المدينة كانت في عصر هذا الملك مدينة آمورية "تقع في بلاد آمورو" كما يشير النقش الذي وردت فيه. وهكذا نجد أنفسنا هنا كذلك لا نستطيع أن نتبين هوية العرب كمجموعة بشرية لها شخصيتها الجماعية المحددة. فالآموريون لا نستطيع أن نضفي عليهم أكثر من هوية سامية، فهم إحدى المجموعات التي تنطبق عليها هذه التسمية، وقد يكونون شديدي القرب من المجموعة العربية، ولكنهم ليسوا هذه المجموعة ذاتها٣.
ولكن القرن العاشر ق. م. والقرون التي تليه بدأت تشهد تطورًا محسوسًا في هذا الصدد. فمنذ ذلك القرن تظهر الهوية المحددة للعرب بشكل واضح في العلاقات مع شعوب المنطقة المجاورة لشبه الجزيرة، مثل العبرانيين والآشوريين والبابليين "الدولة البابلية الحديثة" والفرس. وحقيقة إن هذه الهوية قد لا تظهر كتسمية مباشرة للعرب، وإنما تظهر بشكل استنتاجي انتسابًا إلى مكان أو آخر أو قوم أو آخر من الأماكن والأقوام التي وجدت في شبه الجزيرة العربية، مثل سبأ والسبئيين "سواء أكان المقصود هو سبأ الموجودة في جنوبي شبه الجزيرة أم إحدى مستوطناتها في الشمال التي اتخذت الاسم نفسه" ومثل الدادانيين "أهل منطقة دادان - العلا الحالية". كذلك فإن الحالات التي تتخذ فيها هذه الهوية صورة تسمية مباشرة للعرب أو بلاد العرب، فإن هذه التسمية لا تعني لغويا أكثر من البدو أو البادية التي يسكنها البدو، كما هو الحال مثلًا في تسمية "عربيم" أو "عربئيم" بمعنى عرب، أو "مسّاها عرب" بمعنى بلاد العرب، في أسفار التوراة والتلمود عند العبرانيين، وكما هو الحال في تسمية "أريبي" أو "أرابي" أو ألفاظ أخرى مقاربة لها في النطق بمعنى عرب أو "ماتوا أريبي" بمعنى بلاد العرب عند الآشوريين والبابليين،
٣ عن الآموريين في العراق راجع g. ruox: ancient irak, صفحات ١٦٤ وما بعدها، نص تجلات بيليسر عن تدمر في anet ص٢٧٥.