جانب كبير من الخصوبة، إلى مناطق صحراوية مثل شبه جزيرة العرب أو شبه صحراوية مثل المنطقة السورية.
وأود أن أؤيد هذا الرد الأخير بمثال من الحضارة السومرية التي ظهرت في جنوبي وادي الرافدين في الفترة المبكرة من تاريخ هذه المنطقة. إن قائمة ملوك سومر التي ترك لنا فيها السومريون تصورهم عن أسماء السلالات والملوك الذين حكموا المنطقة والمدن التي حكموا فيها، يمكن أن نستنتج منها أن مجموعات سامية كانت في حركة مستمرة ومتزايدة من المنطقة الصحراوية التي تلي وادي الرافدين غربا، أو على الأقل من المنطقة الرعوية التي تقع فيها هذه الحدود، إلى المنطقة الخصبة التي تقع في جنوبي الوادي. والدليل على ذلك أن القائمة المذكورة تظهر فيها بعض الأسماء السامية في الفترة الأولى من العصر السومري ولكن عددها قليل بالنسبة لعدد الملوك ذوي الأسماء السومرية، بينما نجد الأسماء السامية يزيد عددها في الفترة اللاحقة من هذا العصر، كما يظهر على سبيل المثال من أسماء ملوك مدينة كيش "الأحيمر حاليا" الذين بلغ عددهم ٢٣ ملكًا. فإذا أغفلنا اسما واحدا من هذه الأسماء "لم يستطع الناسخون القدماء أن يقرءوه جليا من الألواح الطينية التي سجلت عليها الأسماء" ليصبح عدد الأسماء الثابتة هو ٢٢, وجدناها تضم ١٢ اسما من أصل سامي وستة أسماء سومرية وأربعة أسماء لا يمكن تحديد أصلها. وهذه الزيادة المندرجة تشير في رأيي إلى هجرات سامية من خارج المنطقة الخصبة في جنوبي وادي الرافدين بدأت على هيئة مجموعات قليلة تثبت أقدامها في المنطقة بدليل وصول عدد من زعمائهم إلى حكم البلاد، ثم زادت أعداد هذه المجموعات حتى أصبحت تشكل أغلبية في السكان أو أغلبية في السيطرة على موارد الإنتاج, أدت إلى أن تكون أغلبية ملوك المدينة أو الدويلة المذكورة من بين زعمائهم١٩.
١٩ george roux: ancient iraq "طبعة pelican ١٩٦٦" ص ١١١.