الخصبة أو الأقل جفافا والتي كانت تقع على تخومها، وهي هجرات كانت آخرها، حسبما رأى بعض هؤلاء الباحثين, هي الهجرة العربية التي تمت في أعقاب الفتوح العربية الإسلامية في القرن السابع م. وقد استقرت هذه الهجرات في المناطق التي وصلت إليها بعد أن حملت معها لغتها، وكانت النتيجة هي هذه الشعوب السامية المتعددة التي تتقارب لغاتها إلى حد كبير سواء في ألفاظها أو في طريقة تركيب الألفاظ أو تصريفها٢٠.
وقد رتب أصحاب هذا الرأي هذه الهجرات، استنادا إلى ما استنتجوه من الشواهد التاريخية، بحيث كانت تفصل بين كل هجرة والتي تليها فترة تطول أو تقصر، هي الفترة اللازمة لكي يزيد عدد السكان عن موارد البلاد المتعرضة للجفاف والتراجع بالقدر الذي يدفع جماعات منها إلى الهجرة بحثًا عن موارد جديدة خارج المنطقة، ويمكن وضع صورة الهجرات التي توصلوا إلى ترتيبها على النحو التالي:
٢٠ نجيب ميخائيل إبراهيم: موسوعة "مصر والشرق الأدنى القديم"، ج ٣ "سورية"، ط ١, الإسكندرية, ١٩٥٩. وفيه تفصيل للهجرات السامية hitti: المرجع ذاته، صفحات ١٠ وما بعدها، ويرى أنه برغم أن الموطن الأصلي المشترك للساميين والحاميين هو شرقي إفريقيا، إلا أن الفرع السامي عبر إلى شبه الجزيرة العربية لتصبح الموطن الأصلي للساميين، ومن هذا الموطن الأصلي انطلقت الهجرات السامية إلى حيث توجد الآن. كذلك: l.caetani: studi di storia orientale ج ١, "١٩١١ milano" صفحات ٥١-٢٨٨، وهو صاحب نظرية الدافع الاقتصادي للهجرات السامية من شبه الجزيرة العربية وأن الفتوح العربية في العصر الإسلامي هي آخر موجات هذه الهجرات بهذا الدافع. راجع ردا على النقطة الخاصة بالدافع الاقتصادي لهذه الفتوح في: السيد عبد العزيز سالم: تاريخ العرب في العصر الجاهلي، بيروت،١٩٧٠، صفحات ٦٧-٦٨ وفيه يرد هذه الفتوحات إلى فكرة "الجهاد" التي تضمنتها العقيدة الإسلامية، على الأقل في بداية هذه الفتوحات، وإن لم يستبعد الدافع الاقتصادي استبعادًا كاملًا.