للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيرمي الجمرة الأولى وهي أبعد الجمرات عن مكة وهي التي تلي مسجد الخيف بسبع حصيات متعاقبات واحدة بعد الأخرى، ويكبر مع كل حصاة، ثم يتقدم قليلاً ويدعو دعاء طويلاً بما أحب، فإن شق عليه طول الوقوف والدعاء دعا بما يسهل عليه ولو قليلاً ليحصل السنة.

ثم يرمي الجمرة الوسطى بسبع حصيات متعاقبات، يكبر مع كل حصاة، ثم يأخذ ذات الشمال فيقف مستقبلاً القبلة رافعاً يديه ويدعو دعاء طويلاً إن تيسر عليه، وإلا وقف بقدر ما يتيسر، ولا ينبغي أن يترك الوقوف للدعاء لأنه سنة، وكثير من الناس يهمله إما جهلاً أو تهاوناً، وكلما أضيعت السنة كان فعلها ونشرها بين الناس أؤكد لئلا تترك وتموت.

ثم يرمي جمرة العقبة بسبع حصيات متعاقبات يكبر مع كل حصاة ثم ينصرف ولا يدعو بعدها. " (١).

تنبيه مهم: هذه الأدعية التي مر ذكرها في المناسك تحتاج إلى أن نقف معها بعض الوقفات حول أثر عمل القلب عليها:

١ - الحرص على حضور القلب عند الدعاء مع اليقين بأن الله سيستجيب له، وذلك لأن حضور القلب مع اليقين بالإجابة له أثر كبير في استجابة الدعاء، أما غفلة القلب وعدم حضوره ويقينه يؤثر على قبول الله للدعاء يقول: -صلى الله عليه وسلم- «ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ» (٢).

٢ - الشعور بالافتقار إلى الله في الدعاء، يؤدي إلى انكسار القلب بين يدي الله تعالى، وذلك له أثر عجيب في قرب العبد من ربه وسرعة استجابته لدعوته.

٣ - الإلحاح على الله والتضرع إليه، ومن الأسباب العظيمة لاستجابة الدعوة إلحاح العبد على ربه وشدة طلبه وشدة تضرعه، ولأن ذلك دليل على افتقار العبد واحتياجه إلى ربه، وهذا أدعى للإجابة.


(١) المنهج لمريد العمرة والحج (ص ٢٤ - ٢٥).
(٢) أخرجه أحمد (١١/ ٢٣٥) ح (٦٦٥٥)، والترمذي واللفظ له (٥/ ٥١٧) ح (٣٤٧٩) وقال: «هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه»، والحاكم (١/ ٦٧٠) ح (١٨١٧) وقال: "هذا حديث مستقيم الإسناد تفرد به صالح المري، وهو أحد زهاد أهل البصرة، ولم يخرجاه "، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (١٠/ ١٤٨) ح (١٧٢٠٣): "رواه أحمد، وإسناده حسن". والحديث حسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير (١/ ١٠٨) ح (٢٤٥) وذكره في السلسلة الصحيحة (٢/ ١٤١) ح (٥٩٤).

<<  <   >  >>