للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤ - يَعْلُوهُمْ كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الصَّغَارِ، حَتَّى يَدْخُلُوا سِجْنًا فِي جَهَنَّمَ، يُقَالُ لَهُ: بُولَسُ، فَتَعْلُوَهُمْ نَارُ الْأَنْيَارِ، يُسْقَوْنَ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ، عُصَارَةِ أَهْلِ النَّارِ» (١).

[المسألة الرابعة: الغضب للنفس.]

ومما يكثر حصوله من بعض الحجاج وغيرهم الغضب لغير الله من أجل الانتقام لنفسه، وهذا يحدث في الحج بسبب الزحام على موارد الماء والطعام، ومكان قضاء الحاجة، وعند زحام الطواف والسعي ورمي الجمار، فتجد من غضب لنفسه وربما يقع في السب واللعن ومد اليد على أخيه الحاج، لأنه بسبب جهل الحاج بحقوق أخيه المسلم فيغضب لنفسه ويظن أن ذلك لا يؤثر على حجه، وهذا الفهم لا شك أنه غلط لورود النصوص في حث المسلم على ترك الغضب لنفسه، وإنما يكون الغضب لله إذا انتهكت محارم الله، ومع هذا يكون الغضب لله برفق ولين، وموعظة حسنة، والحلم على الجاهل.

ولذا جاءت النصوص محذرة من الغضب للنفس؛ لأنه مفتاح للشر عظيم، وباب يترصد عنده الشيطان ليوقع العبد في حفرة من حفر النار بسبب غضبه نسأل الله العافية والسلامة.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوْصِنِي، قَالَ: «لَا تَغْضَبْ» فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ: «لَا تَغْضَبْ» (٢).

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ (٣)، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ» (٤).


(١) أخرجه أحمد (١١/ ٢٦٠) ح (٦٦٧٧)، والترمذي (٤/ ٦٥٥) ح (٢٤٩٢) وقال: "حديث حسن"، وقال البغوي في شرح السنة (١٣/ ١٦٧) ح (٣٥٩٠): "هذا حديث حسن"، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (٣/ ١٠٧) ح (٢٩١١) وحسن إسناده شعيب الأرناؤوط في تحقيقه للمسند ح (٦٦٧٧).
(٢) أخرجه البخاري (٨/ ٢٨) ح (١٦١٦).
(٣) وقال في الصحاح (٣/ ١٢٤٣) عن معنى الصرعة: "أي: يصرع الناس كثيرًا".
(٤) أخرجه البخاري (٨/ ٢٨) ح (٦١١٤)، ومسلم (٤/ ٢٠١٤) ح (٢٦٠٩).

<<  <   >  >>