للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الخامس: أثر عمل القلب على عبادة المبيت بمزدلفة.]

قال تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ} [البقرة: ١٩٨].

فإذا أفاض الحاج من عرفات ووصل إلى مزدلفة صلى بها المغرب والعشاء جمع تأخير في أحكام تتعلق بها يرجع فيها إلى كتب المناسك، ونقف هنا مع هذه الآية عدة وقفات:

الوقفة الأولى: العبادة الحاضرة في كل منسك من مناسك الحج ذكر الله وسيأتي الكلام عنه.

الوقفة الثانية: حين يذكر الإنسان بقلبه عظيم نعمة الله عليه بالهداية بعد الضلال، وعلمه ما لم يكن يعلم، فهذه من أكبر النعم، التي يجب شكرها، ومقابلة ذلك بذكر المنعم بها بالقلب واللسان (١)، وقال تعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النحل: ٥٣]، وقال تعالى: {وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} [إبراهيم: ٣٤]، فحين تتذكر نعمة الهداية من الله، وأنها محض فضل من الله تفضل بها عليك، وأنعم بها عليك، ولولا فضله ومنته ما عرفت هذا الدين وما اهتديت إليه، فكم من البشر على وجه الأرض لا يعرفون هذا الدين، اجتالتهم شياطين الجن والأنس عنه، فلله الفضل والمنة العظيمة علينا نحن أهل الإسلام، قال تعالى ممتناً على عباده: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الحجرات: ١٧].

وقال تعالى ممتناً كذلك على عباده: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ} [البقرة: ١٩٨].


(١) ينظر: تفسير السعدي (٩٢).

<<  <   >  >>