للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث: عبادات قلبية لها تعلق بالحج والعمرة، وفيه مطالب.]

توطئة:

عبادة الحج والعمرة إلى بيت الله الحرام لها أثر عظيم على حياة المسلم وسلوكه ولا شك أن الحج المبرور من أعظم العبادات كما -صلى الله عليه وسلم-: وقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ، وَالْعُمْرَتَانِ أَوِ الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ يُكَفَّرُ مَا بَيْنَهُمَا " (١).

وعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَرَى الجِهَادَ أَفْضَلَ العَمَلِ، أَفَلَا نُجَاهِدُ؟ قَالَ: «لَا، لَكِنَّ أَفْضَلَ الجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ» (٢).

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «إِيمَانٌ بِاللهِ»، قَالَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ» قَالَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «حَجٌّ مَبْرُورٌ» (٣).

فالحج من الأعمال التي تحدث أثراً كبيراً على سلوك المسلم وأخلاقه، وذلك يحدث بسبب ارتباط الحج بعبادات كثيرة متى ما وفق الله الحاج لتحقيق هذه العبادات زاد أثر حجه عليه، وإذا حصل النقص في تلك العبادات المرتبطة بالحج وغيره، وضعف تحقيقها في القلب ضعف أثر الحج على العبد وربما يخرج من حجه لا يتغير فيه شيء، ويبقى على غفلته، وهذه العبادات العظيمة التي إذا صدق الحاج في عملها ظهرت الثمار المباركة لحجه عليه منها: التوبة وكثرة الاستغفار، والاهتمام بشرط قبول العمل، وتحقيق التوحيد وتنقيته وتصفيته من الشرك، وظهور آثار التقوى على صلاح الباطن والظاهر، ودونك تفصيلها في المطالب الآتية:

المطلب الأول: التوبة والاستغفار.

المطلب الثاني: الاهتمام بشرط قبول العمل.

المطلب الثالث: ارتباط الحج بالتوحيد.

المطلب الرابع: ارتباط الحج بالتقوى.


(١) أخرجه أحمد (١٢/ ٣٠٩) ح (٧٣٥٤)، والبزار (١٥/ ٣٦٧) ح (٨٩٥٦)، والنسائي (٥/ ١١٢) ح (٢٦٢٢)، وأبو يعلى (١٢/ ١٣) ح (٦٦٦٠)، وابن حبان (٩/ ٨) ح (٣٦٩٥)، وحكم الألباني بصحته في تخريجه لسنن النسائي ح (٢٦٢٢)، وصحح إسناده محقق المسند وقال (١٢/ ٣٠٩): " إسناده صحيح على شرط الشيخين".
(٢) أخرجه البخاري (٢/ ١٣٣) ح (١٥٢٠).
(٣) أخرجه البخاري (١/ ١٤) ح (٢٦)، ومسلم واللفظ له (١/ ٨٨) ح (٨٣).

<<  <   >  >>