للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الأول: التوبة والاستغفار.]

لا شك أن للذنوب والمعاصي أثرًا كبيرًا في إفساد القلب، وضررها عظيم عليه، "وأن ضررها في القلوب كضرر السموم في الأبدان، على اختلاف درجاتها في الضرر، وهل في الدنيا والآخرة شر وداء إلا وسببه الذنوب والمعاصي؟! " (١).

والذنوب لها أثرها العظيم على الحاج والمعتمر، فتعوقه عن الانتفاع بحجه وعمرته، وتكون سبباً لتقصيره في المناسك، وهذا الداء الخطير على القلوب قد جعل الله له علاجًا، وهو الاستغفار والتوبة.

قال تعالى في بيان أثر الاستغفار: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (١٠) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (١١) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: ١٠ - ١٢].

وقال -سبحانه وتعالى- في بيان ثمرات الاستغفار والتوبة: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ} [هود: ٣].

وقال تعالى: {وَيَاقَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ} [هود: ٥٢].

والذي يظهر من أقوال المفسرين في زيادة القوة أنها قوة حسية ومعنوية، يجدون أثرها في حياتهم (٢).

ولا شك أن الحاج بحاجة ماسة لهذه القوة التي يعينه الله بها على أداء مناسك حجه على الوجه الصحيح الذي يحبه الله ويرضاه، وفي الحج من أنواع المشاق والمصاعب ما يحتاج معه العبد إلى إعانة الله ورعايته، وأن يمده الله بقوة من عنده على هذا العمل الشاق الذي يجد فيه الحاج لذة في مشاقه، وذلك كلما صدق في توبته واستغفاره.


(١) الجواب الكافي (١/ ٩٨) لابن القيم.
(٢) ينظر: تفسير الطبري (١٢/ ٤٤٥)، تفسير البغوي (٤/ ١٨٣)، تفسير ابن كثير (٤/ ٣٢٩)، فتح القدير للشوكاني (٢/ ٥٧٣)، تفسير السعدي (٣٨٣).

<<  <   >  >>