للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟»، فَسَكَتَ الْقَوْمُ، فَأَعَادَهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، قَالَ الْقَوْمُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «أَحْسَنُكُمْ خُلُقًا» (١).

ومما يدل على مكانة حسن الخلق وأثره العظيم أنه سبب لدخول الجنة مع قلة النوافل، أو العقوبة بالنار لمن ساء خلقه مع كثرة نوافله، لكنها لا تنفعه، بسبب سوء خلقه، فعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا، غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: «هِيَ فِي النَّارِ»، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَإِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصَلَاتِهَا، وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنَ الْأَقِطِ، وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: «هِيَ فِي الْجَنَّةِ» (٢).

[المطلب الثاني: مظاهر حسن الخلق في الحج، وفيه مسائل.]

[المسألة الأولى: الحج من أعظم المواقف التي يظهر فيها حسن خلق المسلم، أو سوء خلقه، ولذلك عدة أسباب منها]

١ - حصول مشقة السفر، وسمي السفر سفراً، لأنه يسفر عن الأخلاق (٣).

٢ - التعامل مع طبائع مختلفة من الناس يجمعهم مكان واحد، فيهم المريض، وفيهم الجاهل الذي يعد الخلق الحسن ضعفاً، وفيهم صاحب الخلق السيء الذي تعود على ذلك حتى صار سجية له.

٣ - تغير مواعيد النوم واليقظة، وقضاء الحاجة.

٤ - التعب والارهاق بسبب كثرة المشاق في الحج.


(١) أخرجه أحمد في المسند (١١/ ٣٤٧) ح (٦٧٣٥)، وابن حبان (٢/ ٢٣٥) ح (٤٨٥)، وقال في مجمع الزوائد (٨/ ٢١) ح (١٢٦٦٦): "رواه أحمد بإسناد جيد"، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (٣/ ١٠) ح (٢٦٥٠).
(٢) أخرجه أحمد في المسند (٢٩/ ٣٣) ح (٩٦٧٤)، وابن حبان (١٣/ ٧٦) ح (٥٧٦٤)، والحاكم (٤/ ١٨٣) ح (٧٣٠٤) وصححه ووافقه الذهبي، ولفظه عند الحاكم: إنَّ فُلَانَةَ تُصَلِّي اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ وَفِي لِسَانُهَا شَيْءٌ يُؤْذِي جِيرَانَهَا سَلِيطَةٌ، قَالَ: «لَا خَيْرَ فِيهَا هِيَ فِي النَّارِ» وَقِيلَ لَهُ: إِنَّ فُلَانَةَ تُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ وَتَصُومُ رَمَضَانَ وَتَتَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ وَلَيْسَ لَهَا شَيْءٌ غَيْرُهُ وَلَا تُؤْذِي أَحَدًا، قَالَ: «هِيَ فِي الْجَنَّةِ»، وقال في مجمع الزوائد (٨/ ١٦٩): "رواه أحمد والبزار، ورجاله ثقات"، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (٢/ ٦٨٢) ح (٢٥٦٠).
(٣) ينظر: معجم لغة الفقهاء (ص ٢٤٥).

<<  <   >  >>