للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الناس وينسى أن الله يراه، فتزل قدم بعد ثبوتها، ويسقط في الاختبار ويعرض نفسه لعقوبة الله، ويكون ذلك سبباً لخذلانه، نسأل الله السلامة والعافية.

[المطلب الثاني: أثر عمل القلب على عبادة الطواف والسعي.]

الطواف بالبيت العتيق والسعي بين الصفا والمروة عبادة عظيمة لها ارتباط وثيق بعمل القلب، وذلك أن يستحضر من يقوم بهذه العبادة بقلبه أنه يمتثل أمر الله ويقتدي برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولهذا يحرص في طوافه وسعيه على متابعة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فيفعل مثله في طوافه وسعيه، ويحذر من الوقوع في البدع والمحدثات التي أدخلها الناس في هذه العبادة وهي ليست منها، ولم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم في طوافه وسعيه، مثل إحداث أدعية خاصة لكل شوط من الطواف والسعي لم ترد في سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكذلك ما أحدثه الناس في طوافهم وسعيهم من أمور تنافي الإخلاص لله تعالى في هذه العبادة مثل تصوير أنفسهم وهم يؤدون هذه العبادة، وهذا الفعل خطير على المقاصد والنيات ويدخل الشيطان من خلال ذلك، فيوقعهم في الرياء والسمعة، وسيأتي حديث مفصل عن هذه الآفات.

[المطلب الثالث: أثر عمل القلب على عبادات يوم التروية.]

يشعر بقلبه أنه يقتدي بنبيه صلى الله عليه وسلم في أداء مناسك الحج، ففي اليوم الثامن من ذي الحجة يذهب إلى منى ليصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والمبيت بها وصلاة الفجر، ثم الانطلاق إلى عرفات بعد شروق الشمس.

[المطلب الرابع: أثر عمل القلب على عبادة الوقوف بعرفة.]

هذا اليوم من أيام الله الخالدة في حياة الحاج خاصة، وله وقعه العظيم في قلبه، هذا يوم عرفة قال عنه المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: " الْحَجُّ عَرَفَةُ .. " (١) الحديث، وهذا الموقف بعرفة من أعظم مواقف الدنيا التي يقفها العبد بين يدي الله، وبالأخص وقت العشي منه، قال -صلى الله عليه وسلم-: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِي الْمَلَائِكَةَ بِأَهْلِ عَرَفَاتٍ، يَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي شُعْثًا غُبْرًا " (٢)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: " مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ


(١) أخرجه أحمد (٣١/ ٦٤) ح (١٨٧٧٤)، والترمذي (٣/ ٢٢٨) ح (٨٨٩)، والنسائي (٥/ ٢٦٤) ح (٣٠٤٤)، وابن ماجه (٢/ ١٠٠٣) ح (٣٠١٥)، وابن خزيمة في صحيحه (٢/ ١٣٣١) ح (٢٨٢٢)، والحاكم (٢/ ٣٠٥) ح (٣١٠٠) وصححه وأقره الذهبي، وصححه الألباني في صحيح الجامع (١/ ٦٠٦) ح (٣١٧٢)، وصحح إسناده محقق المسند.
(٢) أخرجه أحمد (١٣/ ٤١٥) ح (٨٠٤٧)، وابن في صحيحه (٩/ ١٦٣) ح (٣٨٥٢)، والحاكم (١/ ٦٣٦) ح (١٧٠٨) وصححه، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (٢/ ٣٣) ح (١١٥٢)، وصححه محقق المسند.

<<  <   >  >>