للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المسألة الرابعة: ذكر يوم عرفة.]

وقد سبق الكلام عن أذكار يوم عرفة وسيأتي إشارة إلى الدعاء في يوم عرفة.

[المسألة الخامسة: الذكر عند المشعر الحرام.]

{فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [الحج: ٢٧].

وفي حديث جابر رضي الله عنه في وصف حجة النبي -صلى الله عليه وسلم-: "حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ، فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ، وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، ثُمَّ اضْطَجَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، وَصَلَّى الْفَجْرَ، حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ، بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ، حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَدَعَاهُ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا، فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَأَرْدَفَ الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ .. " (١) الحديث.

دل هذا الحديث على وقت الذكر بعد صلاة الفجر لمن سيدفع من مزدلفة قبل طلوع الشمس، أما الضعفة ومن في حكمهم فإنهم يذكرون الله قبل مغادرة مزدلفة بعد منتصف الليل، وكَانَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما «يُقَدِّمُ ضَعَفَةَ أَهْلِهِ فَيَقِفُونَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ بِالْمُزْدَلِفَةِ بِاللَّيْلِ، فَيَذْكُرُونَ اللهَ مَا بَدَا لَهُمْ، ثُمَّ يَدْفَعُونَ قَبْلَ أَنْ يَقِفَ الْإِمَامُ وَقَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقْدَمُ مِنًى لِصَلَاةِ الْفَجْرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْدَمُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِذَا قَدِمُوا رَمَوْا الْجَمْرَةَ» وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: «أَرْخَصَ فِي أُولَئِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» (٢).

وفي مواطن ذكر الله ينبغي على الحاج عدم العجلة في ذكره، وأن يقبل بقلبه على ربه، فيذكره بقلب حاضر يدرك معنى ما يقول، ويستشعر عظيم توفيق الله له حيث أوقفه هذه المواقف الخالدة وتفضل عليه بأداء هذا النسك فيحمد الله ويكبره ويهلله، ويدعو ربه بما شاء من خير الدنيا والآخرة.

إن مما يبقى أثر الحج على حياة المسلم سيره في أداء مناسكه على طريقة النبي صلى الله عليه وسلم والاقتداء به في حجه وعمرته وتتبع سنته في ذلك والحرص على الإخلاص لله تعالى في هذه المواقف


(١) أخرجه مسلم (٢/ ٨٩١) ح (١٢١٨).
(٢) أخرجه مسلم (٢/ ٩٤١) ح (١٢٩٥).

<<  <   >  >>