للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب السادس: الرجاء.]

تعريفه:

عرفه ابن القيم رحمه الله بقوله: "هو النظر إلى سعة رحمة الله" (١).

إذن، الرجاء الطمع في رحمة الله والنظر إلى سعتها.

من أدلة الكتاب والسنة على الرجاء:

• أخبر -سبحانه وتعالى- عن سعة رحمته فقال تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: ١٥٦]، وقال تعالى: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا} [غافر: ٧].

• وقال -سبحانه وتعالى- مخاطبًا من أسرف على نفسه بالمعاصي: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: ٥٣].

دلت الآيات على سعة رحمة الله تعالى، مما يفتح باب الرجاء للعبد، ويحدوه إلى التوبة من ذنوبه، وعليه أن يحذر من اليأس والقنوط من رحمة الله.

وعن أَنَس بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ، لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ (٢) خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً» (٣).


(١) مدارج السالكين (٢/ ٣٧).
(٢) "أي: بما يقارب ملأها" النهاية في غريب الحديث (٤/ ٣٤) مادة (قرب).
(٣) أخرجه أحمد (٣٥/ ٣٧٥) ح (٢١٤٧٢) عن أبي ذر -رضي الله عنه-، والترمذي واللفظ له (٥/ ٥٤٨) ح (٣٥٤٠) من حديث أنس -رضي الله عنه- وقال: "هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه"، والحاكم بلفظ مقارب عن أبي ذر -رضي الله عنه- (٤/ ٢٦٩) ح (٧٦٠٥) وصححه ووافقه الذهبي، وحسنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (١/ ٢٥٠) ح (١٢٧)، وحسنه محقق المسند (٣٥/ ٣٧٥) ح (٢١٤٧٢).

<<  <   >  >>