للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن القيم رحمه الله: "العمل بغير إخلاص ولا اقتداء كالمسافر يملأ جرابه رملًا يثقله ولا ينفعه" (١).

ومن ثمرات مجاهدة النفس على تحقيق الإخلاص التخلص من الرياء وكثرة الوساوس، يقول أبو سليمان الداراني رحمه الله: "إذا أخلص العبد انقطعت عنه كثرة الوساوس والرياء" (٢).

وسيكون الحديث عن هذه الآفات وفق المحاور الآتية:

[المسألة الأولى: خطر الرياء والسمعة والعجب على عبادة المسلم وبالذات الحج والعمرة.]

وهذه الآفات القلبية لها خطر عظيم على عبادات المسلم، ومنها عبادة الحج والعمرة، وسيكون الحديث عنها في النقاط الآتية:

خطرها العظيم:

١ - ذهاب العمل من بين يدي صاحبه وهو أحوج ما يكون له في يوم القيامة،

قال تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: ٢٣].

وهذه الأعمال التي يجعلها الله هباء منثوراً في يوم القيامة، فلا ينتفع أصاحبها بها وهم أحوج ما يكونون إليها، لأنها إما ليست خالصة لله تعالى، وإما أنها على غير سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (٣).

٢ - حبوط العمل وعدم قبوله في الآخرة، وقال تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (١٥) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هود: ١٥ - ١٦].

٣ - ومن أعظم ما يخيف المؤمن ما يحدث من خطر عظيم على من يقع في هذه الأمراض في يوم القيامة في موقف مخيف تنخلع منه القلوب من شدة هوله، وتأمل معي في هذا الحديث العظيم الذي ينقل هذا المشهد من يوم القيامة، هذا المشهد الذي


(١) الفوائد (٤٩).
(٢) مدارج السالكين (٢/ ٩٢)، البداية والنهاية (١٤/ ١٥٠).
(٣) ينظر: مدارج السالكين (٢/ ٨٩).

<<  <   >  >>