للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: الاهتمام بشرط قبول العمل.]

ومن أعظم ما ينبغي أن يحرص عليه المؤمن أشد الحرص علمه بشرط قبول العمل واجتهاده على تحقيق ذلك في كل عبادته، ومن تلك العبادات عبادة الحج والعمرة، فلا تقبل عبادة الحج والعمرة عند الله إلا بشرطين: أولهما: الإخلاص لله تعالى، وثانيهما: متابعة النبي -صلى الله عليه وسلم- في الاقتداء به في أداء مناسك الحج والعمرة، ودونك تفصيل هذين الشرطين:

١ - الشرط الأول: الإخلاص لله تعالى في عبادة الحج والعمرة، فيحرص الحاج والمعتمر على سلامة مقصده في عبادته، يقول الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ٥} سجحالبَيِّنَة الآية تمجسحج، ويقول -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ» (١)، وعليه أن يجتهد أشد الاجتهاد في الحرص على سلامة نيته لله تعالى في كل عباداته فينتبه لمقاصده، ويحذر أشد الحذر من مفسدات النية من الرياء، والسمعة، وحب ثناء الناس عليه، وغير ذلك من مفسدات الإخلاص، وقال -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِنَ الْعَمَلِ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا، وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ» (٢)، ويقول -صلى الله عليه وسلم-: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِي مِنَ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ؟» قَالَ: قُلْنَا: بَلَى، فَقَالَ: «الشِّرْكُ الْخَفِيُّ، أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي، فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ؛ لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ» (٣)، ويقول -صلى الله عليه وسلم-: «قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ» (٤).

إنه لمن المحزن جداً على أحوال بعض الحجاج والمعتمرين ما أحدثته وسائل التواصل الحديثة من خرق كبير وخلل خطير في المقاصد والنيات حتى تحول الحج والعمرة عند البعض إلى رحلة سياحية


(١) أخرجه البخاري (١/ ٦) ح (١).
(٢) أخرجه النسائي (٦/ ٢٥) ح (٣١٤٠)، وجوَّد إسناده ابن حجر في الفتح (٦/ ٢٨)، وحسنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (١/ ١١٨) ح (٥٢)، وقال في صحيح سنن النسائي (٢/ ٣٨٣ - ٣٨٤) ح (٣١٤٠): "حسن صحيح".
(٣) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب الرياء والسمعة (٢/ ١٤٠٦) ح (٤٢٠٤)، والحاكم في المستدرك في كتاب الرقاق (٤/ ٣٦٥) ح (٧٩٣٦) وصححه ووافقه الذهبي، وحسن إسناده البوصيري في زوائد ابن ماجه (٤/ ٢٣٦) ح (١٥٠٥)، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (١/ ١١٩) ح (٣٠).
(٤) أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب من أشرك في عمله غير الله (٤/ ٢٢٨٩) ح (٢٩٨٥).

<<  <   >  >>