للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ينقل فيها تحركات الحاج والمعتمر من خلال هذه المواقع ليشاهدها الناس، وهذا يخل كثيراً بالمقاصد والنيات؛ لأنه بهذا العمل يفتح عليه أبواب الرياء والسمعة والعجب بالعمل، فقد يفسد حجه وعمرته أو ينقص أجره بسبب ذلك، وسيأتي مزيد بيان لهذا في ثنايا الكتاب بحول الله وقوته.

الشرط الثاني لقبول العمل: متابعة النبي -صلى الله عليه وسلم- والاقتداء به في مناسك الحج والعمرة، والحذر من الوقوع في البدع والمحدثات التي تكون سبباً في رد العمل وعدم قبوله.

وعن جابر رضي الله عنه يَقُولُ: " رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمِي عَلَى رَاحِلَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ، وَيَقُولُ: «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ، فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ» (١).

وقال النووي رحمه الله في شرح الحديث السابق: " وأما قوله -صلى الله عليه وسلم-: (لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ) فهذه اللام لام الأمر ومعناه: خذوا مناسككم، وهكذا وقع في رواية غير مسلم وتقديره: هذه الأمور التي أتيت بها في حجتي من الأقوال، والأفعال، والهيئات، هي أمور الحج وصفته، وهي مناسككم، فخذوها عني واقبلوها، واحفظوها، واعملوا بها، وعلموها الناس.

وهذا الحديث أصل عظيم في مناسك الحج، وهو نحو قوله صلى الله عليه وسلم في الصلاة: "صلوا كما رأيتموني أصلي"" (٢).

ولهذا يجب على الحاج أن يتعلم مناسك حجه وعمرته قبل الوصول إلى مواقيت الحج حتى يؤدي عبادته كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم ولا يقع في البدع والمحدثات فيرد عليه عمله، كما قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» (٣).

وفي الرواية الأخرى في صحيح مسلم عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» (٤).

وإنك لتحزن كثيراً على ما خالف به الناس أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، واحدثوه من بدع في مناسك الحج والعمرة فهناك بدع في الإحرام، وبدع في الطواف والسعي، والحلق والتقصير، وبدع في الوقوف بعرفة،


(١) أخرجه مسلم (٢/ ٩٤٣) ح (١٢٩٧) وفي صحيح الجامع للألباني (٢/ ١٣٠٤) ح (٧٨٨٢)، عن جابر رضي الله عنه، يقول -صلى الله عليه وسلم-: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ! خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ عَامِي هذا".
(٢) شرح النووي على مسلم (٩/ ٤٥).
(٣) أخرجه مسلم (٣/ ١٣٤٣) ح (١٧١٨).
(٤) أخرجه مسلم (٣/ ١٣٤٣) ح (١٧١٨).

<<  <   >  >>