للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الرابع: أثر عمل القلب على مناسك الحج والعمرة، وفيه مطالب.]

[المطلب الأول: أثر عمل القلب على عبادة الإحرام، وفيه مسائل.]

وحين يصل الحاج والمعتمر إلى المواقيت المكانية أو يحاذيها من الجو أو البحر، فيستعد للدخول في عبادة الإحرام، والتي سيكون الحديث عنها في المسائل الآتية:

[المسألة الأولى: أن يستحضر بقلبه نية الدخول في عبادة الإحرام.]

وهنا الحاج والمعتمر عند إحرامه يحرص على سلامة مقصده لله تعالى في هذه العبادة، يتفقد قلبه وهو ينوي الدخول في نسكه، فيحذر المقاصد الفاسدة التي تزينها له نفسه وشيطانه من الرياء والعجب والسمعة، وسيأتي بيان ذلك، وهذا حال القدوة صلى الله عليه وسلم عند إحرامه فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: «حَجَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَاحِلَةٍ عَلَيْهَا رَحْلٌ رَثٌّ (١)، وَقَطِيفَةٌ (٢) لَا تُسَاوِي أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ، ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهُمَّ هَذِهِ حَجَّةٌ لَا رِيَاءَ فِيهَا وَلَا سُمْعَةَ» (٣).

وعبادة الحج والعمرة عبادة عظيمة، ووقعها في قلوب الناس عظيم، فلا بد من الانتباه للمقصد والنية ومجاهدة النفس على الإخلاص لله تعالى في هذه العبادة والتجرد من أسباب الرياء والسمعة التي تفسد على الحاج والمعتمر عبادته، وسيأتي مزيد بيان لذلك.

[المسألة الثانية: التلبية شعار التوحيد، وعلاقتها بعمل القلب.]

ويبدأ الحاج والمعتمر في التلبية عند استوائه على مركوبه من سيارة ونحوها؛ لورود الأحاديث بذلك، وهنا يحسن التنبيه على بعض الأمور المتعلقة بعمل القلب عند التلبية، ومن ذلك ما يأتي:

١ - رفع الصوت بالتلبية عبادة عظيمة لها أثر كبير في لذة هذه العبادة إذا توافق القلب مع اللسان.

٢ - أن يستحضر الملبي معنى ما يقول.


(١) الرث: الشيء البالي القديم.
ينظر: الصحاح (١/ ٢٨٢) مادة (رثث)، مقاييس اللغة (٢/ ٣٨٤) مادة (رث).
(٢) القطيفة: كساء له أهداب. ينظر: المعجم الوسيط (٢/ ٧٤٧).
(٣) أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء (٦/ ٣٠٨)، والترغيب والترهيب لقوام السنة (٢/ ١٦) ح (١٠٥٦) وأبو الضياء المقدسي في الأحاديث المختارة (٥/ ٨٠) ح (١٧٠٥) بسند صحيح كما قاله الألباني في منسكه (١٦) ح (١٣) وصححه في السلسلة الصحيحة بمجموع طرقه (٦/ ٢٣٠) ح (٢٦١٧).

<<  <   >  >>