للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العظيمة، والحذر من إفساد النية بالتصوير بحجة الذكرى ونحو ذلك من الحجج الشيطانية، وسيأتي مزيد تفصيل لذلك.

[المسألة السادسة: الذكر عند رمي الجمار.]

قال -صلى الله عليه وسلم-: " إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بِالْكَعْبَةِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَرَمْيُ الْجِمَارِ لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ".

وورد أن النبي صلى الله عليه وسلم يكبر مع كل حصاة عند رمي الجمار (١)، جمرة العقبة في يوم العيد، وفي حديث جابر الذي سبق في صفة حج النبي -صلى الله عليه وسلم-: "حَتَّى أَتَى بَطْنَ مُحَسِّرٍ، فَحَرَّكَ قَلِيلًا، ثُمَّ سَلَكَ الطَّرِيقَ الْوُسْطَى الَّتِي تَخْرُجُ عَلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى، حَتَّى أَتَى الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الشَّجَرَةِ، فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ مِنْهَا، مِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ، رَمَى مِنْ بَطْنِ الْوَادِي" (٢).

وعند رمي الجمرات الثلاث في أيام التشريق (٣).

وهنا يتذكر الحاج بقلبه وهو يرمي الجمار ويقول (الله أكبر) مع كل حصاة معنى الله أكبر، وهذا سيكون التفصيل فيه في المسألة الآتية.

ورمي الجمار لإقامة ذكر الله، فعلى الحاج أن يحرص على الالتزام بهدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في رميه للجمار، فلا يقع في الغلو في الدين الذي هو من أمراض القلب التي تفسد على الإنسان دينه،

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ الْعَقَبَةِ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ: «هَاتِ، الْقُطْ لِي» فَلَقَطْتُ لَهُ حَصَيَاتٍ هُنَّ حَصَى الْخَذْفِ، فَلَمَّا وَضَعْتُهُنَّ فِي يَدِهِ، قَالَ: «بِأَمْثَالِ هَؤُلَاءِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ» (٤).


(١) وفي مسند أبي يعلى (١٢/ ٩٦ ت حسين أسد) ح (٦٧٢٨) عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، وَيُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ» وقال المحقق: "إسناده صحيح".
(٢) أخرجه مسلم (٢/ ٨٩١) ح (١٢١٨).
(٣) وفي صحيح ابن حبان (٩/ ١٨٠) ح (٣٨٦٨) عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَفَاضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مِنًى، فَأَقَامَ بِهَا أَيَّامَ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَ يَرْمِي الْجِمَارَ حَتَّى تَزَولَ الشَّمْسُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ كُلَّ جَمْرَةٍ، وَيُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ تَكْبِيرَةً يَقِفُ عِنْدَ الْأُولَى وَعِنْدَ الْوُسْطَى بِبَطْنِ الْوَادِي، فَيُطِيلُ الْمَقَامَ، وَيَنْصَرِفُ إِذَا رَمَى الْكُبْرَى، وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا. وقال المحقق: " إسناده حسن، محمد بن إسحاق: روى له مسلم قي المتابعات، وهو صدوق، وقد صرح بالتحديث، فانتفت شبهة تدليسه، وباقي رجاله رجال الشيخين".
(٤) أخرجه أحمد (٣/ ٣٥٠) ح (١٨٥١)، والنسائي (٥/ ٢٦٨) ح (٣٠٥٧)، وأبو يعلى (٤/ ٣١٦) ح (٢٤٢٧)، وابن خزيمة (٢/ ١٣٤٩) ح (٢٨٦٧)، والحاكم (١/ ٦٣٧) ح (١٧١١) وصححه وأقره الذهبي، وحكم الألباني بصحته في تعليقه على سنن النسائي ح (٣٠٥٧)، وقال محقق مسند أحمد (٣/ ٣٥١): "إسناده صحيح على شرط مسلم".

<<  <   >  >>