للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمِ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟ " (١)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "وَمَا مِنْ يوْمٍ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ يوْمِ عَرَفَةَ يَنْزِلُ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيُبَاهِي بِأَهْلِ الْأَرْضِ أَهْلَ السَّمَاءِ، فَيَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عبادي شعثاً غبراً ضاحين جاؤوا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ يَرْجُونَ رَحْمَتِي، وَلَمْ يَرَوْا عَذَابِي، فَلَمْ يُرَ يَوْمٌ أَكْثَرُ عِتْقًا من النار من يوم عرفة" (٢)، وقال -صلى الله عليه وسلم- كما في مسند البزار: "وَأَمَّا وُقُوفُكَ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَهْبِطُ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيُبَاهِي بِكُمُ الْمَلائِكَةَ يَقُولُ: عِبَادِي جَاءُونِي شُعْثًا مِنْ كِلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ يَرْجُونَ رَحْمَتِي فَلَوْ كَانَتْ ذُنُوبُكُمْ كَعَدَدِ الرَّمْلِ، أَوْ كَقَطْرِ الْمَطَرِ، أَوْ كَزَبَدِ الْبَحْرِ لَغَفَرَهَا، أَوْ لَغَفَرْتُهَا، أَفِيضُوا عِبَادِي مَغْفُورًا لَكُمْ وَلِمَنْ شَفَعْتُمْ لَهُ" (٣).

وهنا لا بد أن نقف وقفة مع دعاء يوم عرفة بهذا الذكر المخصوص الذي يقول عنه النبي -صلى الله عليه وسلم-: " خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " (٤).

وروى البيهقي بسنده: "عن الحسين بن الحسن المروزي، وكان جاور بمكة حتى مات قال: سألت سفيان بن عيينة، عن تفسير قول النبي صلى الله عليه وسلم" أكثر دعائي ودعاء الأنبياء قبلي بعرفة لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير" وإنما هو ذكر ليس فيه دعاء.

قال سفيان: سمعت حديث منصور عن مالك بن الحارث (٥)؟ قلت: نعم قال: ذاك تفسير هذا، ثم قال: أتدري ما قال أمية بن أبي الصلت حين أتى ابن جدعان يطلب نائله ومعروفه؟ قلت: لا قال: لما أتاه قال:


(١) أخرجه مسلم (٢/ ٩٨٢) ح (١٣٤٨).
(٢) أخرجه ابن حبان في صحيحه (٩/ ١٦٤) ح (٣٨٥٣)، وقال محققه: "حديث صحيح".
(٣) أخرجه البزار في مسنده (١٢/ ٣١٧) ح (٦١٧٧) وقال: "وهذا الكلام قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه، ولا نعلم له طريقا أحسن من هذا الطريق"، والمنذري في الترغيب والترهيب (٢/ ١١١) وقال: "وهي طريق لا بأس بها رواتها كلهم موثقون" وحسنه لغيره الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (٢/ ٩) ح (١١١٢).
(٤) أخرجه أحمد (١١/ ٥٤٨) ح (٦٩٦١)، الترمذي (٥/ ٥٧٢) ح (٣٥٨٥) واللفظ له وقال: "حديث غريب"، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٣/ ٢٥٢) ح (٥٥٥٠): "رواه أحمد، ورجاله موثقون"، والألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (٤/ ٨) ح (١٥٠٣) وقال بعد أن ذكر شواهده هناك: "وجملة القول: أن الحديث ثابت بمجموع هذه الشواهد والله أعلم".
(٥) ينظر: الزهد والرقائق - لابن المبارك - ت الأعظمي (٣٢٦) فقد أورده عن كلام مالك بن الحارث رقم الأثر (٩٢٩)، وقد ورد مرفوعاً من حديث عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: «إِذَا شَغَلَ عَبْدِي ذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ» أخرجه البزار (١/ ٢٤٧) ح (١٣٧)، ومسند الشهاب القضاعي (١/ ٣٤٠) ح (٥٨٤)، وقد ذهب الكثير من المحققين إلى تضعيفه، وذهب البعض إلى تصحيحه، والعلم عند الله تعالى، وله الفاظ أخرى.
ينظر: تخريج أحاديث الكشاف للزيلعي (٣/ ٢٢٠) ح (١١٣٣)، وسلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (١٠/ ٧٤٥) ح (٤٩٨٩).

<<  <   >  >>