للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه بعض الفوائد من شرح ابن رجب وابن حجر على حديث" لاتغضب".

١ - قال ابن رجب: " فهذا الرجل طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يوصيه وصية وجيزة جامعة لخصال الخير، ليحفظها عنه خشية ألا يحفظها لكثرتها، فوصاه النبي ألا يغضب، ثم ردد هذه المسألة عليه مراراً، والنبي صلى الله عليه وسلم يردد عليه هذا الجواب، فهذا يدل على أن الغضب جماع الشر، وأن التحرز منه جماع الخير" (١).

٢ - وقال ابن رجب: " والغضب: هو غليان دم القلب طلباً لدفع المؤذي عند خشية وقوعه، أو طلباً للانتقام ممن حصل له منه الأذى بعد وقوعه، وينشأ من ذلك كثير من الأفعال المحرمة كالقتل والضرب وأنواع الظلم والعدوان؛ وكثير من الأقوال المحرمة كالقذف والسب والفحش، وربما ارتقى إلى درجة الكفر، كما جرى لجبلة بن الأيهم، وكالأيمان التي لا يجوز التزامها شرعاً، وكطلاق الزوجة الذي يعقب الندم. والواجب على المؤمن أن تكون شهوته مقصورة على طلب ما أباحه الله له، وربما تناولها بنية صالحة، فأثيب عليها، وأن يكون غضبه دفعا للأذى في الدين له أو لغيره وانتقاماً ممن عصى الله ورسوله، كما قال تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ، وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ} سجحالتَّوْبَة الآية ١٤ - ١٥].

وهذه كانت حال النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه كان لا ينتقم لنفسه، ولكن إذا انتهكت حرمات الله لم يقم لغضبه شيء ولم يضرب بيده خادماً ولا امرأة إلا أن


(١) جامع العلوم والحكم (١/ ٣٦١ - ٣٦٢).

<<  <   >  >>