للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان عليُّ بن الحسين يتأوَّل في آل النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من بني هاشم مثل ذلك لقربهم من النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- ".

٣ - معنى الجدال المذموم في الحج (١).

وهو الجدال بالباطل لنشر الباطل، وهو كما يقول السعدي رحمه الله في معنى الجدال في الحج: " والجدال وهو: المماراة والمنازعة والمخاصمة، لكونها تثير الشر، وتوقع العداوة" (٢).

أما الجدال المنهي عنه في الحج فهو الجدال بالباطل والخصام والمنازعة والمماراة لأجل أن ينتصر لنفسه ويغصب صاحبه مما يؤدي إلى رفع الصوت والسب والشتائم والمنازعة والفرقة والاختلاف الذي يدخل بسببه الشيطان بينهم.

وأما الجدال بالحق فليس هو من الجدال المذموم، لكن بشرط أن يكون لأجل توضيح الحق وبيانه لمن يجادل في هذا الأمر جهلاً منه بالحكم الشرعي، وكل منهما يريد الوصول إلى الحق، ويدخل فيه مذاكرة العلم (٣).

قال ابن مسعود وابن عباس وعطاء: "الجدال هنا أن تماري مسلماً حتى تغضبه فينتهي إلى السباب، فأما مذاكرة العلم فلا نهي عنها" (٤).

وقال الشيخ محمد علي آدم الاثيوبي في شرحه لحديث جابر في وصف حجة النبي -صلى الله عليه وسلم-: " على أهل العلم والفضل أن يغتنموا فرصة التقائهم بالحجاج في المسجد الحرام وغيره من المواطن المقدسة، فيعلّموهم ما يلزم من مناسك الحج، وأحكامه على وفق الكتاب والسنّة، وأن لا يشغلهم ذلك عن الدعوة إلى أصل الإسلام الذي من أجله بعثت الرسل، وأنزلت الكتب، ألا وهو التوحيد، فإن أكثر من لقيناهم حتى ممن ينتمي إلى العلم وجدناهم في جهل بالغ بحقيقة التوحيد، وما ينافيه من الشركيات والوثنيات، كما أنهم في غفلة تامة عن ضرورة رجوع المسلمين على اختلاف مذاهبهم، وكثرة أحزابهم إلى العمل الثابت في الكتاب والسنة في العقائد والأحكام والمعاملات والأخلاق والسياسة والاقتصاد وغير ذلك من شؤون الحياة، وأن أيّ صوت يرتفع،


(١) ينظر: تفسير ابن كثير (١/ ٥٤٦).
(٢) تفسير السعدي (ص ٩١).
(٣) ينظر: توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (٣/ ٦٢٩).
(٤) تفسير القرطبي (٢/ ٤١٠).

<<  <   >  >>