للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَبْدُ اللهِ: غَيْرَ أَنِّي لَمْ أَسْمَعْهُ يَقُولُ إِلَّا خَيْرًا، فَلَمَّا مَضَتِ الثَّلَاثُ لَيَالٍ وَكِدْتُ أَنْ أَحْقِرَ عَمَلَهُ، قُلْتُ: يَا عَبْدَ اللهِ، إِنِّي لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي غَضَبٌ وَلَا هَجْرٌ ثَمَّ، وَلَكِنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ لَكَ ثَلَاثَ مِرَارٍ: «يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الْآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ»، فَطَلَعْتَ أَنْتَ الثَّلَاثَ مِرَارٍ، فَأَرَدْتُ أَنْ آوِيَ إِلَيْكَ لِأَنْظُرَ مَا عَمَلُكَ، فَأَقْتَدِيَ بِهِ، فَلَمْ أَرَكَ تَعْمَلُ كَثِيرَ عَمَلٍ، فَمَا الَّذِي بَلَغَ بِكَ مَا قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ. قَالَ: فَلَمَّا وَلَّيْتُ دَعَانِي، فَقَالَ: مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ، غَيْرَ أَنِّي لَا أَجِدُ فِي نَفْسِي لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ غِشًّا، وَلَا أَحْسُدُ أَحَدًا عَلَى خَيْرٍ أَعْطَاهُ اللهُ إِيَّاهُ. فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: هَذِهِ الَّتِي بَلَغَتْ بِكَ، وَهِيَ الَّتِي لَا نُطِيقُ (١).

الحسد والبغضاء من أمراض القلوب التي تفتك بعبادة العبد، وتقضي على حسناته، وذلك يحتاج إلى مقاومة ما في النفس من هذه الأمراض حتى لا تضر بحج العبد كثيراً، وللشحناء والتباغض بين المسلمين، وقطيعة الرحم خطر عظيم عليهم في الدنيا والآخرة، وخطر كبير على حج العبد، ومن أكثر ما يعيق المسلم عن المنافسة في الخير في هذا هذه الأيام العظيمة وهو يقوم بمناسك أعظم شعيرة، وجود هذه الخطايا والاستمرار عليها وعدم التوبة منها، ومن النصوص التي تبين خطر هذه الذنوب، وأحب أن أنقل لكم الأحاديث التي وردت في كتاب صحيح الترغيب والترهيب للألباني (٢) عن الترغيب في صلة الرحم، والترهيب من هذه الخطايا وحرصت على نقل أكثرها لأهميتها ولعظيم الحاجة لذلك (٣)، تحت عدة عناوين:


(١) أخرجه أحمد (٢٠/ ١٢٤) ح (١٢٦٩٧)، وقال المنذري في الترغيب والترهيب (٣/ ٣٤٨) ح (٤٣٨٤): "رواه أحمد بإسناد على شرط البخاري ومسلم والنسائي، ورواته احتج بهم أيضًا إلا شيخه سويد بن نصر، وهو ثقة"، وقال العراقي في تخريج أحاديث الإحياء (١٠٨٥): "رواه أحمد بإسناد صحيح على شرط الشيخين"، والهيثمي في مجمع الزوائد (٨/ ٧٨ - ٧٩) ح (١٣٠٤٨)، وقال: "ورجال أحمد رجال الصحيح"، وقال البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة (٦/ ٧٨) ح (٥٣٨٣): "هذا إسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم"، وقال محقق المسند ح (١٢٦٩٧): "إسناده صحيح على شرط الشيخين".
(٢) وأصل الكتاب الترغيب والترهيب للإمام المنذري رحمة الله على الجميع، وقام بتخريج أحاديثه العلامة الألباني وقسمه إلى كتابين صحيح الترغيب وضعيف الترغيب، وقد قمت بحذف التخريج في الغالب إلا ما دعت له الحاجة، واختصرت بعض الأحاديث، وأبقيت على حكم الشيخ على الحديث لأنه مقصود.
(٣) وهنا يحسن التنبيه أن التمعن في قراءة هذه الأحاديث والاطلاع عليها كاملة يجعل القارئ أو السامع يخرج بمعلومة كافية عن خطر هذه الذنوب على المسلم في الدنيا والآخرة.

<<  <   >  >>