كتاب أثر عمل القلب على عبادة الحج والعمرة

المطلب الثاني: الآفات المهلكة من الرياء، والسمعة، والعجب، وفيه مسائل. - المسألة الأولى: خطر الرياء والسمعة والعجب على عبادة المسلم وبالذات الحج والعمرة. - ص: 139

٥ - الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (١٥) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هود: ١٥ – ١٦] " (١).

عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لِأَنْ يُقَالَ: جَرِيءٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ، وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ، وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ: عَالِمٌ، وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ: هُوَ قَارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ، وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلَّا أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ: هُوَ جَوَادٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ أُلْقِيَ فِي النَّارِ" (٢).

٦ - ومن خطر السمعة على من يقع فيها ويحب أن يسمع ثناء الناس عليه ويبحث عن ذلك، أن الله يعاقبه بنقيض قصده ويصغره ويحرقه في الدنيا في الآخرة، والخطر العظيم ما يكون في يوم القيامة، وكان عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما يُحَدِّثُ عَبْدَ

---

(١) أخرجه الترمذي (٤/ ٥٩١) ح (٢٣٨٢)، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب"، وابن حبان (٢/ ١٣٦) ح (٤٠٨)، والحاكم في المستدرك (١/ ٥٧٩) ح (١٥٢٧) وصححه وأقره الذهبي، وابن خزيمة (٢/ ١١٨٨) ح (٢٤٨٢)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (١/ ١١٤) ح (٢٢)، وصحح إسناده شعيب الأرناؤوط في تحقيقه لصحيح ابن حبان (٢/ ١٣٧) ح (٤٠٨).
(٢) أخرجه مسلم (٣/ ١٥١٣) ح (١٩٠٥).