للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثانية: وهو أن يرائي المسلم بعمله أو ببعض عمله، فهذا شرك خفي ينافي كمال التوحيد (١).

صور من الرياء عند من ابتلي به (٢):

٢ - ينشط في العبادة إذا رآه الناس، ويحسنها ويتقنها من أجل شعوره برؤية الناس له، كما في الحديث عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري -رضي الله عنه- قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ، فَقَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِي مِنَ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ؟» قَالَ: قُلْنَا: بَلَى، فَقَالَ: «الشِّرْكُ الْخَفِيُّ، أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي، فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ؛ لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ» (٣).

٣ - يحافظ على البعد عن محارم الله إذا كان الناس يرونه، وإذا خلا بمحارم الله انتهكها؛ لأنه لا ينتهي عن المحارم إلا مخافة من الناس، ولهذا عقوبته عظيمة، كما في الحديث عَنْ ثَوْبَانَ -رضي الله عنه-، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: «لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ -عز وجل- هَبَاءً مَنْثُورًا»، قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا؛ أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ، قَالَ: «أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ، وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا».

وهذا يحصل من البعض، تجده ينتهك محارم الله إذا خلا بجواله أو جهاز حاسبه أو بالقناة الفضائية التي تعرض ما حرم الله.

٤ - يطلب العلم وهمه أن يرى تعظيم الناس له، وقضاء حاجاته، وتقديمه في المجالس.

٥ - الرّياء بالقول، وهو أن يقوم بهذه الأعمال من أجل الناس، ويكون مهتمًّا بالوعظ والتّذكير والنّطق بالحكمة، وحفظ الأخبار والآثار؛ لإظهار غزارة العلم، ومن ذلك تحريك الشّفتين بالذّكر في محضر النّاس، والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر أمامهم.


(١) ينظر: التمهيد (٣٩٦).
(٢) ينظر: إحياء علوم الدين (٣/ ٢٩٧)، نضرة النعيم (١٠/ ٤٥٥٣)، الإخلاص حقيقته ونواقضه (٣٣٦ - ٣٣٩).
(٣) أخرجه ابن ماجه (٢/ ١٤٠٦) ح (٤٢٠٤)، والحاكم (٤/ ٣٦٥) ح (٧٩٣٦) وصححه ووافقه الذهبي، وحسن إسناده البوصيري في زوائد ابن ماجه (٤/ ٢٣٦) ح (١٥٠٥)، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (١/ ١١٩) ح (٣٠).

<<  <   >  >>